﴿مَا تشابه مِنْهُ إبتغاء الْفِتْنَة وابتغاء تَأْوِيله وَمَا يعلم تَأْوِيله إِلَّا الله والراسخون فِي الْعلم يَقُولُونَ آمنا بِهِ كل من عِنْد رَبنَا وَمَا يذكر إِلَّا أولو الْأَلْبَاب (٧) رَبنَا لَا تزغ﴾
وَابْن عَبَّاس - فِي رِوَايَة طَاوس عَنهُ - (رأو) الْوَقْف على قَول ﴿إِلَّا الله﴾، وَهُوَ قَول الْحسن، وَأكْثر التَّابِعين، وَبِه قَالَ الْكسَائي، وَالْفراء، والأخفش، وَأَبُو عبيد، وَأَبُو حَاتِم، قَالُوا: إِن الْوَاو فِي قَوْله: ﴿والراسخون﴾ وَاو الإبتداء؛ وَالدَّلِيل على صِحَّته قِرَاءَة ابْن عَبَّاس " وَيَقُول الراسخون فِي الْعلم آمنا بِهِ " وروى ابْن جريج، عَن مُجَاهِد، عَن ابْن عَبَّاس - فِي رِوَايَة أُخْرَى -: الْوَاو للنسق، وَلَا وقف (على قَوْله) ﴿إِلَّا الله﴾ (وَأَن الراسخون) فِي الْعلم يعلمُونَ التَّأْوِيل، قَالَ ابْن عَبَّاس: وَأَنا مِمَّن يعلم تَأْوِيله، وَقد ثَبت عَن النَّبِي أَنه قَالَ: " اللَّهُمَّ فقهه فِي الدّين وَعلمه التَّأْوِيل "، قَالُوا: وَالصَّحِيح رِوَايَة طَاوس، عَن ابْن عَبَّاس، كَمَا ذكرنَا، وَعَلِيهِ إِجْمَاع الْقُرَّاء؛ وَلِأَن على قَضِيَّة قَول مُجَاهِد لَا يَسْتَقِيم.
قَوْله: ﴿والراسخون فِي الْعلم يَقُولُونَ﴾ قَالَ النُّحَاة: وَإِنَّمَا يَسْتَقِيم أَن تَقول: وَمَا يعلم تَأْوِيله إِلَّا الله والراسخون فِي الْعلم قائلين ﴿أمنا بِهِ﴾ (و) لِأَنَّهُ قَالَ: ﴿والراسخون فِي الْعلم يَقُولُونَ آمنا بِهِ كل من عِنْد رَبنَا﴾ ؛ وَلَو علمُوا التَّأْوِيل لم يكن لقَولهم هَذَا معنى، وَقد روى عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: " أنزل الْقُرْآن على أَرْبَعَة أوجه " الْحَلَال وَالْحرَام، وعربية تعرفها الْعَرَب، وَمِمَّا يعلم الْعباد تَأْوِيله، وَمَا لَا يعلم تَأْوِيله إِلَّا الله " وَهَذَا يشْهد لما قُلْنَا؛ فَدلَّ أَن الْوَقْف على قَوْله: ﴿إِلَّا الله﴾. وَالْوَاو: وَاو الِابْتِدَاء فِي قَول ﴿والراسخون فِي الْعلم يَقُولُونَ آمنا بِهِ كل من عِنْد رَبنَا﴾ قَالُوا: وَمن رسوخهم فِي الْعلم يَقُولُونَ ذَلِك ﴿وَمَا يذكر إِلَّا أولُوا الْأَلْبَاب﴾.
قَوْله تَعَالَى: ﴿رَبنَا لَا تزغ قُلُوبنَا﴾ أَي: لَا تمل قُلُوبنَا ﴿بعد إِذْ هديتنا﴾ وَهَذَا


الصفحة التالية
Icon