﴿قُلُوبنَا بعد إِذْ هديتنا وهب لنا من لَدُنْك رَحْمَة إِنَّك أَنْت الْوَهَّاب (٨) رَبنَا إِنَّك جَامع النَّاس ليَوْم لَا ريب فِيهِ إِن الله لَا يخلف الميعاد (٩) إِن الَّذين كفرُوا لن تغني عَنْهُم أَمْوَالهم وَلَا أَوْلَادهم من الله شَيْئا وَأُولَئِكَ هم وقود النَّار (١٠) كدأب آل فِرْعَوْن وَالَّذين من قبلهم كذبُوا بِآيَاتِنَا فَأَخذهُم الله بِذُنُوبِهِمْ وَالله شَدِيد﴾
دُعَاء للتثبيت والإدامة عَلَيْهِ، وَقد رَوَت أم سَلمَة عَن النَّبِي أَنه كَانَ يَقُول: " يَا مُقَلِّب الْقُلُوب ثَبت قلبِي على دينك " ﴿وهب لنا من لَدُنْك رَحْمَة﴾ نصْرَة ومعونة ﴿إِنَّك أَنْت الْوَهَّاب﴾.
قَوْله تَعَالَى: ﴿رَبنَا إِنَّك جَامع النَّاس ليَوْم لَا ريب فِيهِ﴾ أَي: لَا شكّ فِيهِ عِنْد أهل الْحق، وَقيل: أَرَادَ لَا ريب فِيهِ: يَوْم الْقِيَامَة إِذا قَامَت وَظَهَرت.
﴿إِن الله لَا يخلف الميعاد﴾ فَلَا تزغ قُلُوبنَا، وارحمنا، وَلكنه أوجزه وَلم يذكر تَمام الدُّعَاء.
قَوْله تَعَالَى ﴿إِن الَّذين كفرُوا لن تغني عَنْهُم أَمْوَالهم وَلَا أَوْلَادهم من الله شَيْئا﴾ هُوَ قَول الْكَافرين يَوْم الْقِيَامَة: شَغَلَتْنَا عَن الْحق أَمْوَالنَا وَأَهْلُونَا، يَقُول لَا عذر لَهُم فِيهِ، وَلَا يغنيهم ذَلِك ﴿وَأُولَئِكَ هم وقود النَّار﴾.
قَوْله تَعَالَى: ﴿كدأب آل فِرْعَوْن﴾ الدأب: الشَّأْن، والدأب: الْعَادة، وَمعنى الْآيَة: أَن هَؤُلَاءِ الْكفَّار فِي تَكْذِيب الرَّسُول، وَجحد الْحق، والتظاهر على الْكفْر؛ كعادة آل فِرْعَوْن، وَآل فِرْعَوْن: فِرْعَوْن وَقَومه.
﴿وَالَّذين من قبلهم﴾ يَعْنِي: عادا وَثَمُود ﴿كذبُوا بآيتنا فَأَخذهُم الله بِذُنُوبِهِمْ﴾، عاقبهم بجرائمهم، ﴿وَالله شَدِيد الْعقَاب﴾ لِأَنَّهُ دَائِم، عِقَابه لَا يَنْقَطِع؛ وكل دَائِم شَدِيد.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قل للَّذين كفرُوا﴾ قَالَ ابْن عَبَّاس: وَسبب نزُول الْآيَة مَا روى: " أَنه لما فرغ رَسُول الله من قتال الْمُشْركين يَوْم بدر جمع الْيَهُود بقينقاع، وَقَالَ


الصفحة التالية
Icon