﴿تجْرِي من تحتهَا الْأَنْهَار خَالِدين فِيهَا وَأَزْوَاج مطهرة ورضوان من الله وَالله بَصِير بالعباد (١٥) الَّذين يَقُولُونَ رَبنَا إننا آمنا فَاغْفِر لنا ذنوبنا وقنا عَذَاب النَّار (١٦) الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالأسحار (١٧) شهد الله﴾
وَفِي الْخَبَر عَن النَّبِي: " أَن أهل الْجنَّة؛ إِذا دخلُوا الْجنَّة يَقُول الله تَعَالَى: إِن لكم عِنْدِي موعدا، وَأَنا منجزكموه، فَيَقُولُونَ: قد أَعطيتنَا كل مَا نتمنى، فَمَا هُوَ يارب؟ فَيَقُول: أنزل عَلَيْكُم رِضْوَانِي وَلَا أَسخط عَلَيْكُم أبدا ".
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَالله بَصِير بالعباد الَّذين يَقُولُونَ﴾
فَقَوله: ﴿الَّذين يَقُولُونَ﴾ يحْتَمل أَن يكون فِي مَوضِع الْخَفْض، وَتَقْدِيره: بالعباد الَّذين يَقُولُونَ، وَيحْتَمل أَن يكون فِي مَوضِع الرّفْع، وَتَقْدِيره: يَقُولُونَ على الِابْتِدَاء، وَيحْتَمل أَن يكون فِي مَوضِع النصب، وَتَقْدِيره: أعنى: الَّذين يَقُولُونَ: ﴿رَبنَا إننا آمنا فَاغْفِر لنا ذنوبنا وقنا عَذَاب النَّار﴾.
﴿الصابرين﴾ يحْتَمل أَن يكون فِي مَوضِع الْخَفْض، وَيحْتَمل فِي مَوضِع النصب، يَعْنِي: الصابرين على الشدائد والمصائب، وعَلى الطَّاعَات، وَعَن الْمعاصِي ﴿والصادقين﴾ الَّذين استقامت أَحْوَالهم وأفعالهم ﴿والقانتين﴾ : المقيمين على الطَّاعَة، المداومين عَلَيْهَا ﴿والمنفقين﴾ يَعْنِي: المتصدقين، قيل فِي الْجِهَاد، وَقيل: فِي كل أَبْوَاب الْبر ﴿والمستغفرين بالأسحار﴾ قَالَ ابْن عَبَّاس: هم المصلون بِاللَّيْلِ. وَقَالَ أنس: هم السائلون بالمغفرة. وَقَالَ زيد بن أسلم: المصلون صَلَاة الصُّبْح فِي الْجَمَاعَة، وَإِنَّمَا قَيده ﴿بالأسحار﴾ لقرب صَلَاة الصُّبْح من السحر.
قَوْله تَعَالَى: ﴿شهد الله﴾ أَي: بَين وَأعلم؛ وكل شَاهد مُبين ومعلم ﴿أَنه لَا إِلَه إِلَّا هُوَ﴾ لنَفسِهِ بالوحدانية؛ وَذَلِكَ أَن وَفد نَجْرَان قد أَنْكَرُوا وحدانيته، وَهَذِه الْآيَة من الْآيَات الَّتِي نزلت فِي شَأْنهمْ، وَالْحجاج عَلَيْهِم ﴿وَالْمَلَائِكَة﴾ أَي: وَشهِدت الْمَلَائِكَة، ﴿وَأولُوا الْعلم﴾ قيل: هم عُلَمَاء بني إِسْرَائِيل، وَذَلِكَ مثل: عبد الله بن سَلام، وَمن