﴿معرضون (٢٣) ذَلِك بِأَنَّهُم قَالُوا لن تمسنا النَّار إِلَّا أَيَّامًا معدودات وغرهم فِي دينهم مَا كَانُوا يفترون (٢٤) فَكيف إِذا جمعناهم ليَوْم لَا ريب فِيهِ ووفيت كل نفس مَا كسبت وهم لَا يظْلمُونَ (٢٥) قل اللَّهُمَّ مَالك الْملك تؤتي الْملك من تشَاء وننزع الْملك مِمَّن يَشَاء وتعز من تشَاء وتذل من تشَاء بِيَدِك الْخَيْر إِنَّك على﴾
إِلَى الْيَهُود، وَقد ذَكرْنَاهُ من قبل. ﴿وغرهم فِي دينهم﴾ الْغرُور: هُوَ الإطماع فِيمَا لَا يحصل مِنْهُ شَيْء، والغرور: الشَّيْطَان، وغر الثَّوْب: طيه، فَيُقَال: أعد الثَّوْب إِلَى غره، أَي: إِلَى طيه، والغرور: ركُوب الْخطر. ﴿مَا كَانُوا يفترون﴾ الافتراء: اخْتِلَاق الْكَذِب؛ وَمِنْه الْفِرْيَة: تَسْوِيَة الْكَذِب، قَالَ الشَّاعِر:

(وَلَا أَنْت تفري مَا خلقت وَبَعض الْقَوْم يخلق ثمَّ لَا يفرى)
أَي: لَا يكذب وَلَا يسوى.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَكيف إِذا جمعناهم﴾ أَي: فَكيف حَالهم ﴿إِذا جمعناهم ليَوْم لَا ريب فِيهِ ووفيت كل نفس مَا كسبت﴾ من الْجَزَاء ﴿وهم لَا يظْلمُونَ﴾.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قل اللَّهُمَّ مَالك الْملك﴾ فِي سَبَب نزُول الْآيَة قَولَانِ: أَحدهمَا: أَنه لما فتح مَكَّة وعد أَصْحَابه ملك الْفرس: فَسَمعهُ الْيَهُود، وَقَالُوا: هَيْهَات الْفرس وَالروم أعز وَأَمْنَع جانبا مِمَّا تظنون؛ فَنزلت هَذِه الْآيَة.
وَقَالَ الْحسن: إِنَّه سَأَلَ ربه لأَصْحَابه ملك فَارس وَالروم.
فَأَما قَوْله: ﴿قل اللَّهُمَّ﴾ فأصله: يَا الله؛ فَلَمَّا حذف حرف النداء زيدت الْمِيم فِي آخِره، قَالَ الْفراء: للميم فِيهِ معنى، وَمَعْنَاهُ: يَا الله، أعنا بالمغفرة أَي: اقصدنا.
﴿مَالك الْملك﴾ تَقْدِيره يَا مَالك الْملك، وَمَعْنَاهُ: مَالك الْعباد؛ وَمَا ملكوه، وَقيل: أَرَادَ بِالْملكِ: النُّبُوَّة، وَقيل: ملك السَّمَوَات وَالْأَرْض. ﴿تؤتي الْملك من تشَاء﴾ أَي: من تشَاء أَن تؤتيه من الْمُسلمين. ﴿وتنزع الْملك مِمَّن تشَاء﴾ أَي: مِمَّن تشَاء أَن تنزعه، وهم فَارس وَالروم. ﴿وتعز من تشَاء وتذل من تشَاء﴾ فِيهِ ثَلَاثَة أَقْوَال:


الصفحة التالية
Icon