﴿إِن فِي ذَلِك لآيَة لكم إِن كُنْتُم مُؤمنين (٤٩٩ ومصدقا لما بَين يَدي من التَّوْرَاة ولأحل لكم بعض الَّذِي حرم عَلَيْكُم وجئتكم بِآيَة من ربكُم فَاتَّقُوا الله وأطيعون (٥٠) إِن الله رَبِّي وربكم فاعبدواه هَذَا صِرَاط مُسْتَقِيم (٥١) فَلَمَّا أحس عِيسَى مِنْهُم الْكفْر قَالَ من﴾
لكم إِن كُنْتُم مُؤمنين).
قَوْله تَعَالَى: ﴿ومصدقا لما بَين يَدي من التَّوْرَاة﴾ يَعْنِي: وأكون مُصدقا، ﴿ولأحل لكم بعض الَّذِي حرم عَلَيْكُم﴾ قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: أَرَادَ بِالْبَعْضِ: الْكل، يَعْنِي: كل الَّذِي حرم عَلَيْكُم، وَمثله قَول الشَّاعِر:
(أَو يرتبط بعض النُّفُوس حمامها... )
أَي: كل النُّفُوس، وَقيل: هُوَ على حَقِيقَته، وَقد كَانَ أحل لَهُم بعض مَا حرم عَلَيْهِم فِي التَّوْرَاة من لُحُوم الْإِبِل وثروبها.
﴿وجئتكم بِآيَة من ربكُم﴾ يَعْنِي: بآيَات كَمَا بَينا، {فَاتَّقُوا الله وأطيعون
إِن الله رَبِّي وربكم فاعبدوه هَذَا صِرَاط مُسْتَقِيم) أَي: طَرِيق وَاضح.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَلَمَّا أحس عِيسَى مِنْهُم الْكفْر﴾ أَي: أبْصر وَوجد مِنْهُم الْكفْر؛ قَالَ: ﴿قَالَ من أنصارى إِلَى الله﴾ قيل مَعْنَاهُ: من أنصارى مَعَ الله، وَقَالَ النحويون: " إِلَى " فِي موضعهَا، وَلَيْسَت بِمَعْنى " مَعَ "، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ: من يضم نصرته إِلَى نصْرَة الله لي ﴿قَالَ الحواريون نَحن أنصار الله﴾ قَالَ ابْن أبي نجيح: الحواريون: كَانُوا قوما قصارين، سموا بذلك لأَنهم كَانُوا يقصرون الثِّيَاب.
وَقيل: كَانُوا صيادين يصطادون السّمك. وَالصَّحِيح أَن الحوارى: صفوة كل شَيْء وخالصته وَمِنْه قَوْله فِي الزبير: " هُوَ ابْن عَمَّتي وَحَوَارِيي من أمتِي "، أَي:


الصفحة التالية
Icon