﴿كفرُوا وجاعل الَّذين اتبعوك فَوق الَّذين كفرُوا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ثمَّ إِلَيّ مرجعكم فأحكم﴾
على زعمكم؟ قُلْنَا: فِيهِ أَقْوَال، قَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ: مَعْنَاهُ: إِنِّي قابضك من الأَرْض، وَهُوَ صَحِيح عِنْد أهل اللُّغَة، فَيُقَال: توفيت حَقي من فلَان. أَي: قبضت.
قَالَ الازهري: كَأَنَّهُ يَقُول: إِنِّي متوفى عدد آبَائِك فِي الأَرْض، وكل شَيْء تمّ فَهُوَ متوفى، ومستوفى، وَقَالَ الْفراء: فِيهِ تَقْدِيم وَتَأْخِير، وَتَقْدِيره: إِنِّي رافعك إِلَى ومتوفيك " أَي: بعد النُّزُول من السَّمَاء.
وَقد ثَبت عَن رَسُول الله أَنه قَالَ: " ليهبطن عِيسَى بن مَرْيَم حكما مقسطا يكسر الصَّلِيب وَيقتل الْخِنْزِير "، وَفِي رِوَايَة: " أَنه يقتل الدَّجَّال بِبَاب لد " من دمشق، وَفِي الْأَخْبَار: أَنه يعِيش بعد ذَلِك فِي الأَرْض سبع سِنِين، ويتزوج، ويولد لَهُ. ثمَّ يَمُوت، ويصلوا عَلَيْهِ الْمُؤْمِنُونَ من هَذِه الْأمة.
وَهَذَا التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير الَّذِي ذكرنَا فِي الْآيَة محكى عَن ابْن عَبَّاس وَله قَول آخر: أَن الْآيَة على حَقِيقَة الْمَوْت، وَأَن عِيسَى قد مَاتَ، ثمَّ أَحْيَاهُ الله تَعَالَى وَرَفعه إِلَى السَّمَاء.
قَالَ وهب بن مُنَبّه: أَمَاتَهُ الله ثَلَاث سَاعَات من النَّهَار، ثمَّ أَحْيَاهُ الله، وَرَفعه إِلَيْهِ، وَقَالَ الرّبيع ابْن أنس: التوفي: هُوَ النّوم، وَكَانَ عِيسَى قد نَام، فرفعه الله نَائِما إِلَى السَّمَاء، وَالْمَعْرُوف: الْقَوْلَانِ الْأَوَّلَانِ.
وَقد روى عَن رَسُول الله أَنه قَالَ: " رَأَيْت ابْني الْخَالَة: عِيسَى، وَيحيى فِي السَّمَاء الثَّانِيَة لَيْلَة الْمِعْرَاج "، وروى أَيْضا: " أَنه رآهما فِي السَّمَاء الدُّنْيَا " وَالْأول


الصفحة التالية
Icon