( ﴿٦٥) هَا أَنْتُم هَؤُلَاءِ حاججتم فِيمَا لكم بِهِ علم فَلم تحاجون فِيمَا لَيْسَ لكم بِهِ علم وَالله يعلم وَأَنْتُم لَا تعلمُونَ (٦٦) مَا كَانَ إِبْرَاهِيم يَهُودِيّا وَلَا نَصْرَانِيّا وَلَكِن كَانَ حَنِيفا مُسلما وَمَا كَانَ من الْمُشْركين (٦٧) إِن أولى النَّاس بإبراهيم للَّذين اتَّبعُوهُ وَهَذَا النَّبِي﴾
اشتقاقها، وَقيل لَيْسَ لَهما اشتقاق، وهما اسمان بالسُّرْيَانيَّة.
قَوْله تَعَالَى: ﴿هَا أَنْتُم هَؤُلَاءِ﴾ " هَا " للتّنْبِيه، وَمَعْنَاهُ: يَا هَؤُلَاءِ، أَنْتُم ﴿حاججتم﴾ جادلتم ﴿فِيمَا لكم بِهِ علم فَلم تحاجون فِيمَا لَيْسَ لكم بِهِ علم﴾ أَي: جادلتم فِي أَمر مُوسَى وَعِيسَى، وادعيتم أَنا على دين مُوسَى وَعِيسَى، وَقد أنزلت أمره عَلَيْكُم، فَلم تجادلون فِي أَمر إِبْرَاهِيم، وَلم أنزلهُ عَلَيْكُم، وَلَا علم لكم بِهِ؟ ! ﴿وَالله يعلم وَأَنْتُم لَا تعلمُونَ﴾.
قَوْله تَعَالَى: ﴿مَا كَانَ إِبْرَاهِيم يَهُودِيّا وَلَا نَصْرَانِيّا﴾ أخبر الله تَعَالَى أَنه لَيْسَ على مَا ادعوا من الْيَهُودِيَّة و [لَا] النَّصْرَانِيَّة، ﴿وَلَكِن كَانَ حَنِيفا مُسلما﴾.
والحنيف: هُوَ المائل إِلَى الدّين، والمستقيم عَلَيْهِ، وَمِنْه: الْأَحْنَف: وَهُوَ المائل الْقدَم، وَقَالَ مُجَاهِد: الحنيف: المتبع، وَقَالَ الضَّحَّاك: الحنيف: الْحَاج. فَإِن قَالَ قَائِل: لم قَالَ ﴿حَنِيفا مُسلما﴾ وَالْمُسلم: هُوَ الَّذِي يكون على جَمِيع مَا أَتَى بِهِ مُحَمَّد رَسُول الله، وَإِبْرَاهِيم لم يكن على جملَة شَرِيعَته؟
قيل: قد كَانَ على بعض شَرِيعَته؛ فَيكون بذلك مُسلما؛ كمن مَاتَ من هَذِه الْأمة فِي بَدْء الْأَمر، كَانَ مُسلما بِبَعْض شَرِيعَته؛ فَإِنَّهَا إِنَّمَا تمت، واستقرت فِي آخر الْأَمر، وَيحْتَمل أَن يكون قَوْله: ﴿مُسلما﴾ بِمَعْنى: الانقياد من قَوْله: ﴿أسلم قَالَ أسلمت لرب الْعَالمين﴾ ؛ فَلذَلِك قَالَ: ﴿حَنِيفا مُسلما وَمَا كَانَ من الْمُشْركين﴾.
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِن أولى النَّاس بإبراهيم للَّذين اتَّبعُوهُ﴾ : من اتبعهُ فِي زَمَانه. ﴿وَهَذَا النَّبِي﴾ يَعْنِي مُحَمَّدًا (وَالَّذين آمنُوا) يَعْنِي: من هَذِه الْأمة ﴿وَالله ولي الْمُؤمنِينَ﴾.
قَوْله تَعَالَى: ﴿ودت طَائِفَة من أهل الْكتاب﴾ أَي: تمنت طَائِفَة من أهل


الصفحة التالية
Icon