﴿من أحدهم ملْء الأَرْض ذَهَبا وَلَو افتدى بِهِ أُولَئِكَ لَهُم عَذَاب أَلِيم وَمَا لَهُم من ناصرين (٩١) لن تنالوا الْبر حَتَّى تنفقوا مِمَّا تحبون وَمَا تنفقوا من شَيْء فَإِن الله بِهِ عليم (٩٢) كل الطَّعَام كَانَ حلا لبني إِسْرَائِيل إِلَّا مَا حرم إِسْرَائِيل على نَفسه من قبل أَن تنزل التَّوْرَاة قل فَأتوا﴾
ومسروق بن الأجدع أَبُو عَائِشَة: الْبر: الْجنَّة هَا هُنَا. وَقيل: هُوَ الْعَمَل الصَّالح. وَقيل: هُوَ الثَّوَاب، وَفِي الْخَبَر: " عَلَيْكُم بِالصّدقِ؛ فَأَنَّهُ يهدي إِلَى الْبر، وَالْبر يهدي إِلَى الجنه، وَإِيَّاكُم وَالْكذب؛ فَإِن الْكَذِب يهدي إِلَى الْفُجُور، والفجور يهدي إِلَى النَّار ".
﴿حَتَّى تنفقوا مِمَّا تحبون﴾ قيل: أَرَادَ بِالْإِنْفَاقِ: أَدَاء الزَّكَاة. وَقيل: أَدَاء جَمِيع الصَّدقَات. وَقيل: كل إِنْفَاق يَبْتَغِي بِهِ مرضات الله تَعَالَى ينَال بِهِ هَذَا الْبر.
وروى أَنه لما نزلت هَذِه الْآيَة قَالَ أَبُو طَلْحَة: " يَا رَسُول الله، إِنِّي أرى الله يسألنا أَمْوَالنَا، فأشهدك أَنِّي جعلت حَائِط كَذَا لله تَعَالَى فَقَالَ: اقسمه بَين الْفُقَرَاء قرابتك، فَقَسمهُ بَين أبي وَحسان ".
وروى أَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنهُ - اشْترى جَارِيَة كَانَ قد هويها، فَلَمَّا نظر إِلَيْهَا أعْتقهَا، وَزوجهَا رجلا، وتلا قَوْله تَعَالَى ( ﴿لن تنالوا الْبر حَتَّى تنفقوا مِمَّا تحبون﴾ وَمَا تنفقوا من شَيْء فَإِن الله بِهِ عليم) أَي: يُعلمهُ، أَي: يجازى عَلَيْهِ.
قَوْله تَعَالَى: (كل الطَّعَام كَانَ حلا لبني إِسْرَائِيل) سَبَب نزُول الْآيَة: أَن الْيَهُود قَالُوا لرَسُول الله: إِنَّك تزْعم أَنَّك على مِلَّة إِبْرَاهِيم، وَكَانَ لَا يَأْكُل لُحُوم الْإِبِل وَأَلْبَانهَا وَأَنت تأكلها، فلست على مِلَّة إِبْرَاهِيم؛. فَنزلت الْآيَة ﴿كل الطَّعَام كَانَ حلا لبني إِسْرَائِيل إِلَّا مَا حرم إِسْرَائِيل على نَفسه من قبل أَن تنزل التَّوْرَاة﴾ يَعْنِي: لَيْسَ الْأَمر على مَا قَالُوا من حُرْمَة لُحُوم الْإِبِل وَأَلْبَانهَا على إِبْرَاهِيم، بل كَانَ (الْكل)