﴿مَا فِي السَّمَوَات وَمَا فِي الأَرْض يغْفر لمن يَشَاء ويعذب من يَشَاء وَالله غَفُور رَحِيم (١٢٩) يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أضعافا مضاعفة وَاتَّقوا الله لَعَلَّكُمْ تفلحون (١٣٠) وَاتَّقوا النَّار﴾
شَيْء) وَقيل: أَرَادَ رَسُول الله أَن يدعوا عَلَيْهِم بِدُعَاء الاستئصال؛ فَنزل قَوْله: ﴿لَيْسَ لَك من الْأَمر شَيْء﴾ وَذَلِكَ أَنه تَعَالَى علم أَن فيهم من يسلم [أَو يَتُوب] ﴿أَو يَتُوب عَلَيْهِم أَو يعذبهم﴾ إِنَّمَا نَصبه على نصب قَوْله: ﴿ليقطع طرفا﴾ وَمَعْنَاهُ: لَيْسَ لَك من الْأَمر شَيْء؛ فَإِن تبت عَلَيْهِم، أَو عذبتهم، فأمرك متابع لأمري، أَي: إِن تبت عَلَيْهِم، فبرحمتي، وَإِن عذبتهم، فبظلمهم.
فَإِن قَالَ قَائِل: أَي اتِّصَال لقَوْله: ﴿أَو يَتُوب عَلَيْهِم﴾ بقوله ﴿لَيْسَ لَك من الْأَمر شَيْء﴾ ؟ قيل: مَعْنَاهُ: لَيْسَ لَك من الْأَمر شَيْء، حَتَّى يَتُوب عَلَيْهِم، أَو إِلَى أَن يَتُوب عَلَيْهِم، وَمثله قَول امْرِئ الْقَيْس:

(فَقلت لَهَا لَا تبك عَيْنك إِنَّمَا نحاول ملكا أَو نموت فنعذرا)
أَي: حَتَّى نموت، فنعذرا، وَيحْتَمل أَنه على نسق قَوْله: ليقطع طرفا من الَّذين كفرُوا أَو يكبتهم أَو يَتُوب عَلَيْهِم أَو يعذبهم فَإِنَّهُم ظَالِمُونَ لَيْسَ لَك من الْأَمر شَيْء.
وَالْأَمر أَمْرِي فِي ذَلِك كُله.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَللَّه مَا فِي السَّمَوَات وَمَا فِي الأَرْض يغْفر لمن يَشَاء ويعذب من يَشَاء وَالله غَفُور رَحِيم﴾.
يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أضعافا مضاعفة) قد ذكر الرِّبَا فِي سُورَة الْبَقَرَة، وَأعَاد ذكره هَا هُنَا تَأْكِيدًا، والأضعاف المضاعفة: هُوَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَهُ من تبعيد الْأَجَل بِزِيَادَة الدّين.
﴿وَاتَّقوا الله لَعَلَّكُمْ تفلحون﴾ أَي: كونُوا على رَجَاء الْفَلاح، يَعْنِي: من ترك الرِّبَا


الصفحة التالية
Icon