﴿رب الْعَالمين (٢) الرَّحْمَن الرَّحِيم (٣) مَالك يَوْم الدّين (٤) ﴾ وَالدَّار لزيد، فَاللَّام هَاهُنَا بِمَعْنى الِاسْتِحْقَاق، كَأَنَّهُ يَقُول: الْمُسْتَحق للحمد هُوَ الله تَعَالَى، وَقد فَرغْنَا عَن تَفْسِير قَوْله: ﴿لله﴾.
﴿رب الْعَالمين﴾ وَأما الرب يكون بِمَعْنى التربية والإصلاح، وَيكون بِمَعْنى الْمَالِك. يُقَال: رب الضَّيْعَة يُرَبِّيهَا، أَي: أتمهَا وَأَصْلَحهَا. وَيُقَال: رب الدَّار لمَالِك الدَّار. فالرب هَاهُنَا يحمل كلا الْمَعْنيين؛ لِأَن الله تَعَالَى مربى الْعَالمين، وَمَالك الْعَالمين.
وَأما ﴿الْعَالمُونَ﴾ قَالَ ابْن عَبَّاس: هم الْجِنّ والأنس. وَقَالَ الْحسن وَقَتَادَة، وَأَبُو عُبَيْدَة: هم جَمِيع المخلوقين. وَقيل: الأول أولى؛ لِأَن الْخطاب مَعَ الْمُكَلّفين الَّذين هم المقصودون بالخليفة وهم الْجِنّ وَالْإِنْس. وَقيل الْإِنْس عَالم، وَالْجِنّ عَالم. وَالله تَعَالَى وَرَاءه أَربع زَوَايَا، فِي كل زَاوِيَة ألف وَخَمْسمِائة عَالم.
وَقد فَرغْنَا عَن تَفْسِير ﴿الرَّحْمَن الرَّحِيم﴾ وَإِنَّمَا ذكره ثَانِيًا لفائدة التوكيد.
قَوْله: ﴿مَالك يَوْم الدّين﴾ يقْرَأ بقراءتين: " مَالك، وَملك ". قَالَ أَبُو حَاتِم السجسْتانِي: " مَالك " بِالْألف أولى؛ لِأَنَّهُ أوسع وَأجْمع، يُقَال: مَالك الدَّار، وَمَالك الطير، وَمَالك العَبْد، وَلَا يسْتَعْمل مِنْهَا اسْم الْملك.
وَقَالَ أبوعبيد، والمبرد: " وَملك "، أولى؛ لِأَنَّهُ أتم، فَإِن " الْملك " يجمع معنى " الْمَالِك "، وَالْمَالِك لَا يجمع معنى الْملك، فَإِن كل ملك مَالك، وَلَيْسَ كل مَالك ملكا، وَلِأَنَّهُ أوفق لألفاظ الْقُرْآن، مثل قَوْله - تَعَالَى -: ﴿فتعالى الله الْملك الْحق﴾، وَقَوله: ﴿لمن الْملك الْيَوْم﴾ وَنَحْو ذَلِك فمالك: من الْملك والملكة، وَملك من الْملك