﴿الَّذين آمنُوا ويتخذ مِنْكُم شُهَدَاء وَالله لَا يحب الظَّالِمين (١٤٠) وليحمص الله الَّذين آمنُوا ويمحق الْكَافرين (١٤١) أم حسبتم أَن تدْخلُوا الْجنَّة وَلما يعلم الله الَّذين جاهدوا﴾
قَوْله تَعَالَى: ﴿وليحمص الله الَّذين آمنُوا﴾ وكل هَذَا على نسق قَوْله: ﴿ليقطع طرفا﴾ (وَكَذَلِكَ) قَوْله: ﴿وليعلم الله الَّذين آمنُوا﴾ وَأما التمحيص: قيل: هُوَ [التخليص] وَهُوَ قَول الْحسن، وَقَالَ مُجَاهِد: هُوَ بِمَعْنى: الِابْتِلَاء، وَحَقِيقَة معنى التمحيص: التَّطْهِير من الذُّنُوب، تَقول الْعَرَب: محص عَنَّا ذنوبنا أَي: طهرنا من الذُّنُوب.
﴿ويمحق الْكَافرين﴾ [معنى] الْآيَة: أَنهم إِن قتلوكم؛ فَذَلِك تَطْهِير لكم، وَإِن قَتَلْتُمُوهُمْ فَذَلِك محق لَهُم واستئصال.
قَوْله تَعَالَى: ﴿أم حسبتم﴾ أَي: [أحسبتم] ﴿أَن تدْخلُوا الْجنَّة وَلما يعلم الله الَّذين جاهدوا مِنْكُم﴾ أَي: وَلم يعلم الله الَّذين وَقع مِنْهُم الْجِهَاد، ﴿وَيعلم الصابرين﴾.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلَقَد كُنْتُم تمنون الْمَوْت﴾ سَبَب نزُول الْآيَة أَن الَّذين تخلفوا من حَرْب بدر من الْمُسلمين قَالُوا لما انْقَضتْ حَرْب بدر: لَو كَانَ لنا يَوْم مثله فنقاتل ونقتل ونستشهد، فَلَمَّا كَانَ يَوْم أحد انْهَزمُوا، وهربوا؛ فَنزلت الْآيَة.
﴿وَلَقَد كُنْتُم تمنون الْمَوْت﴾ أَي: سَبَب الْمَوْت وَهُوَ الْجِهَاد؛ إِذْ لَا يجوز أَن يتَمَنَّى الْمَوْت بقتل الْكَافِر إِيَّاه ﴿من قبل أَن تلقوهُ﴾ أَي: تلقونَ سَببه من الْجِهَاد ﴿فقد رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُم تنْظرُون﴾، فَإِن قيل: مَا معنى قَوْله: ﴿وَأَنْتُم تنْظرُون﴾، وَقد قَالَ: ﴿فقد رَأَيْتُمُوهُ﴾ ؟ (قيل) : يحْتَمل [أَن تكون] الرُّؤْيَة بِمَعْنى الْعلم؛ فَقَالَ:


الصفحة التالية
Icon