﴿أمرنَا وَثَبت أقدامنا وَانْصُرْنَا على الْقَوْم الْكَافرين (١٤٧) فآتاهم الله ثَوَاب الدُّنْيَا وَحسن ثَوَاب الْآخِرَة وَالله يحب الْمُحْسِنِينَ (١٤٨) يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِن تطيعوا الَّذين كفرُوا يردوكم على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين (١٤٩) بل الله مولاكم وَهُوَ خير الناصرين (١٥٠) سنلقي فِي قُلُوب الَّذين كفرُوا الرعب بِمَا أشركوا بِاللَّه مَا لم ينزل بِهِ سُلْطَانا﴾
قَوْله تَعَالَى: ﴿فآتاهم الله ثَوَاب الدُّنْيَا﴾ يَعْنِي: (النُّصْرَة) وَالْغنيمَة.
﴿وَحسن ثَوَاب الْآخِرَة﴾ قَالَ ابْن عَبَّاس: هُوَ أَن الله ينزل النَّبِي وَأَصْحَابه فِي قباب من در وَيَاقُوت حَتَّى يفصل بَين الْخلق، وَقيل، حسن ثَوَاب الْآخِرَة: أَن يجازيهم على عَمَلهم ويزيدهم من فَضله ﴿وَالله يحب الْمُحْسِنِينَ﴾.
قَوْله تَعَالَى: ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِن تطيعوا الَّذين كفرُوا﴾ يَعْنِي: الْيَهُود وَالنَّصَارَى ﴿يردوكم على أعقابكم﴾ يَعْنِي: إِلَى الْيَهُودِيَّة والنصرانية.
وَقيل: أَرَادَ بِهِ الْمُنَافِقين الَّذين قَالُوا يَوْم أحد: ارْجعُوا إِلَى دينكُمْ الأول؛ فَإِن مُحَمَّدًا قد قتل، فَهَذَا معنى قَوْله تَعَالَى: ﴿يردوكم على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين﴾ أَي: مغبونين. ﴿بل الله مولاكم وَهُوَ خير الناصرين﴾.
قَوْله تَعَالَى: (سنلقي فِي قُلُوب الَّذين كفرُوا الرعب) يَعْنِي: الْخَوْف، قَالَ: " نصرت بِالرُّعْبِ مسيرَة شهر " ﴿بِمَا أشركوا بِاللَّه﴾ أَي: بشركهم بِاللَّه ﴿مَا لم ينزل بِهِ سُلْطَانا﴾ أَي: الَّذِي لم ينزل بِهِ حجَّة، وَالسُّلْطَان: الْحجَّة، قَالَ الله تَعَالَى (هلك عني سلطانيه) أَي: حجتي.
﴿ومأواهم النَّار﴾ مكانهم النَّار ﴿وَبئسَ مثوى الظَّالِمين﴾ سَبَب نزُول الْآيَة: أَن الْهَزِيمَة لما وَقعت على الْمُسلمين يَوْم أحد، وَوَقع الْقَتْل فيهم، تشَاور الْمُشْركُونَ فِيمَا بَينهم، وَأَجْمعُوا على أَن يعودوا لِلْقِتَالِ، فيستأصلوا مُحَمَّدًا وَأَصْحَابه فَألْقى الله تَعَالَى الرعب فِي قُلُوبهم، فَمروا على وُجُوههم لَا يلوون على شَيْء حَتَّى بلغُوا مَكَّة، فَذَلِك قَوْله تَعَالَى: ﴿سنلقي فِي قُلُوب الَّذين كفرُوا الرعب﴾.


الصفحة التالية
Icon