﴿الْمُؤمنِينَ (١٧١) الَّذين اسْتَجَابُوا لله وَالرَّسُول من بعد مَا أَصَابَهُم الْقرح للَّذين أَحْسنُوا مِنْهُم وَاتَّقوا أجر عَظِيم (١٧٢) الَّذين قَالَ لَهُم النَّاس إِن النَّاس قد جمعُوا لكم فَاخْشَوْهُمْ﴾
لما رَجَعَ إِلَى مَكَّة يَوْم أحد، قَالَ الْكفَّار بَعضهم لبَعض فِي الطَّرِيق: نرْجِع؛ فنستأصل مُحَمَّدًا وَأَصْحَابه، فَبلغ ذَلِك رَسُول الله، فَقَالَ: من ينتدب إِلَى الْخُرُوج، فَانْتدبَ سَبْعُونَ نَفرا فيهم أَبُو بكر وَالزُّبَيْر.
وَقد قَالَت عَائِشَة لعروة: إِن أَبَوَيْك من الَّذين اسْتَجَابُوا لله وَالرَّسُول، وأرادت أَن أَبَا بكر وَالزُّبَيْر كَانَا فِي السّبْعين، فَخَرجُوا إِلَى حَمْرَاء الْأسد [وهم] على ثَمَانِيَة أَمْيَال من الْمَدِينَة، فَلَمَّا وصلوا (فَإِذا الله كَانَ قد ألْقى) الرعب فِي قُلُوب الْمُشْركين، وَكَانُوا مضوا إِلَى مَكَّة ".
وَقَالَ ابْن عَبَّاس (قولا آخر) : أَن أَبَا سُفْيَان لما أَرَادَ أَن يرجع يَوْم أحد، قَالَ: موعدنا وموعدكم الْعَام الْقَابِل ببدر، ثمَّ لم يتَّفق لَهُ الْخُرُوج فِي الْعَام الْقَابِل، وَخرج رَسُول الله لموعده إِلَى بدر مَعَ أَصْحَابه، فَأُولَئِك الَّذين اسْتَجَابُوا لله وَالرَّسُول ".
﴿من بعد مَا أَصَابَهُم الْقرح﴾ يَعْنِي: الْأَلَم يَوْم أحد، ﴿للَّذين أَحْسنُوا مِنْهُم﴾ باستجابة الرَّسُول، ﴿وَاتَّقوا﴾ يَعْنِي مُخَالفَة الرَّسُول ﴿أجر عَظِيم﴾.
قَوْله تَعَالَى: ﴿الَّذين قَالَ لَهُم النَّاس إِن النَّاس قد جمعُوا لكم فَاخْشَوْهُمْ﴾ هَذَا قَول نعيم بن مَسْعُود الْأَشْجَعِيّ، والقصة فِي ذَلِك: " أَن أَبَا سُفْيَان لما لم يتَّفق لَهُ الْخُرُوج لموعده ببدر بعث بنعيم بن مَسْعُود الْأَشْجَعِيّ إِلَى الْمَدِينَة، وَقَالَ لَهُ: ثبط


الصفحة التالية
Icon