﴿فَزَادَهُم إِيمَانًا وَقَالُوا حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل (١٧٣) فانقلبوا بِنِعْمَة من الله وَفضل لم يمسسهم سوء وَاتبعُوا رضوَان الله وَالله ذُو فضل عَظِيم (١٧٤) إِنَّمَا ذَلِكُم الشَّيْطَان﴾
أَصْحَاب مُحَمَّد عَن الْخُرُوج؛ كَيْلا يَظُنُّوا أَن بِنَا فشلا وَلَك عشر من الْإِبِل، فجَاء إِلَيْهِم، وَكَانَ النَّبِي وصاحبته يتهيئون لِلْخُرُوجِ، فَقَالَ لَهُم: تخرجُونَ إِلَيْهِم! قد خَرجُوا إِلَيْكُم فِي الْعَام الْمَاضِي، وفعلوا بكم مَا فعلوا فِي بُيُوتكُمْ، وَالله لَو خَرجْتُمْ إِلَيْهِم لَا يعود أحد مِنْكُم، فَقَالَ وَأَصْحَابه: حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل، وَلم يمتنعوا من الْخُرُوج ".
فَقَوله: ﴿الَّذين قَالَ لَهُم النَّاس﴾ هُوَ نعيم بن مَسْعُود وَحده، هَذَا قَول عِكْرِمَة وَمُجاهد وَمُقَاتِل والكلبي، وَقَالَ ابْن عَبَّاس: هُوَ قَول نفر قَلِيل من عبد الْقَيْس، وَقَوله: ﴿فَزَادَهُم إِيمَانًا﴾ مِنْهُم من قَالَ مَعْنَاهُ: زادهم إِيمَانًا بتفويضهم، وَقَوْلهمْ: حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل، وَقيل مَعْنَاهُ: زادهم يَقِينا بِمَا وعدهم الله من النَّصْر، ﴿وَقَالُوا حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل﴾، قَالَ ابْن عَبَّاس: وَهَذَا قَول إِبْرَاهِيم حِين ألْقى فِي النَّار، فَإِنَّهُ قَالَ: حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فانقلبوا بِنِعْمَة من الله وَفضل﴾ معنى الْآيَة: " أَن النَّبِي وَأَصْحَابه خَرجُوا لموعد أبي سُفْيَان إِلَى بدر، وَهُوَ مجمع سوق الْعَرَب، فَلم يلْقوا هُنَالك (أحدا) إِذْ لم يتَّفق (خُرُوجهمْ)، فاتجروا هُنَالك، وربحوا، وَانْصَرفُوا " فَذَلِك قَوْله: ﴿فانقلبوا بِنِعْمَة من الله وَفضل﴾ فالنعمة: الْعَافِيَة، وَالْفضل: ربح التِّجَارَة ﴿لم يمسسهم سوء وَاتبعُوا رضوَان الله وَالله ذُو فضل عَظِيم﴾.
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِنَّمَا ذَلِكُم الشَّيْطَان يخوف أولياءه﴾ فالشيطان: كل عَاتٍ متمرد من الْجِنّ وَالْإِنْس، وَالْمرَاد بالشيطان هَا هُنَا: نعيم بن مَسْعُود، وَقيل: هُوَ الشَّيْطَان


الصفحة التالية
Icon