﴿نفس ذائقة الْمَوْت وَإِنَّمَا توفون أجوركم يَوْم الْقِيَامَة فَمن زحزح عَن النَّار وادخل الْجنَّة فقد فَازَ وَمَا الْحَيَاة الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاع الْغرُور (١٨٥) لتبلون فِي أَمْوَالكُم وَأَنْفُسكُمْ ولتسمعن من الَّذين أُوتُوا الْكتاب من قبلكُمْ وَمن الَّذين أشركوا أَذَى كثيرا وَإِن تصبروا وتتقوا﴾
قيل: الْكتاب اسْم لما كتب، وَضم بعض الْكَلِمَات فِيهِ إِلَى بعض من الْكتب (وَهُوَ) الضَّم، وَأما الزبر: مَأْخُوذ من الزبر وَهُوَ الزّجر، فالزبور: كتاب فِيهِ مزاجر.
قَوْله تَعَالَى: ﴿كل نفس ذائقة الْمَوْت﴾ والذوق فِي الْمَوْت مجَاز، وَحَقِيقَة الذَّوْق: هُوَ الإحساس بالشَّيْء؛ فَلَمَّا كَانَ يحس بِالْمَوْتِ، سَمَّاهُ ذوقا مجَازًا، قَالَ الشَّاعِر:
(من لم يمت عبطة يمت هرما | الْمَوْت كأس وكل النَّاس ذائقها) |
﴿فَمن زحزح عَن النَّار﴾ أَي: نجى، وَبعد عَن النَّار ﴿وَأدْخل الْجنَّة فقد فَازَ﴾ أَي: نجا ﴿وَمَا الْحَيَاة الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاع الْغرُور﴾ لِأَنَّهَا تغر الْإِنْسَان، وَهِي الإنقطاع.
قَوْله تَعَالَى: ﴿لتبلون﴾ أَي: لتختبرن، وَقيل: لتصابن ﴿فِي أَمْوَالكُم وَأَنْفُسكُمْ﴾ فِي أَمْوَالكُم بِالْإِنْفَاقِ، وَأَنْفُسكُمْ بِالْجِهَادِ، وَقيل: فِي أَمْوَالكُم (وَأَنْفُسكُمْ بالمصائب والأمراض، وَقَالَ بعض أَصْحَاب الخواطر: فِي أَمْوَالكُم) بِالْمَنْعِ عَن الْحق، وَأَنْفُسكُمْ بِاتِّبَاع الْهوى.
﴿ولتسمعن من الَّذين أُوتُوا الْكتاب من قبلكُمْ وَمن الَّذين أشركوا أَذَى كثيرا﴾ قَالَ الزُّهْرِيّ: هَذَا فِي كَعْب بن الْأَشْرَف، كَانَ يهجو النَّبِي وَيسمع الْمُسلمين هجاه "، وَقيل: هُوَ قَول الْيَهُود: عَزِيز ابْن الله، وَقَول النَّصَارَى: الْمَسِيح ابْن الله، وَقيل: هُوَ قَول أُولَئِكَ الَّذين قَالُوا: إِن الله فَقير.