﴿السُّفَهَاء أَمْوَالكُم الَّتِي جعل الله لكم قيَاما وارزقوهم فِيهَا وأكسوهم وَقُولُوا لَهُم قولا مَعْرُوفا (٥) وابتلوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذا بلغُوا النِّكَاح فَإِن آنستم مِنْهُم رشدا فادفعوا إِلَيْهِم أَمْوَالهم وَلَا تَأْكُلُوهَا﴾ إِنَّه حكى عَن الْعَرَب: عَال يعول: إِذا كثر عِيَاله، وَهَذَا يُؤَيّد قَول الشَّافِعِي.
﴿وَآتوا النِّسَاء صدقاتهن نحلة﴾ الصَّدَقَة وَالصَّدَاق وَاحِد ﴿نحلة﴾ أَي: تدينا، وَقَالَ ابْن عَبَّاس: مَعْنَاهُ: فَرِيضَة، وَالْخطاب مَعَ الْأزْوَاج على الْأَصَح وَقيل: هُوَ خطاب مَعَ الْأَوْلِيَاء، وَكَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة لَا يُعْطون الْمَرْأَة صَدَاقهَا، وَإِنَّمَا يَأْخُذ الْأَوْلِيَاء؛ فخطاب الْأَوْلِيَاء بِإِعْطَاء الْمَرْأَة صَدَاقهَا نحلة، أَي: هُوَ عَطِيَّة لَهَا من الله.
﴿فَإِن طبن لكم عَن شَيْء مِنْهُ نفسا﴾ أَي: فَإِن أعطين عَن طيب نفس من الصَدَاق شَيْئا. و " من " للتَّخْيِير هَاهُنَا، لَا للتَّبْعِيض؛ حَتَّى يجوز للْمَرْأَة هبة كل الصَدَاق، ﴿فكلوه هَنِيئًا مريئا﴾ الهنيء: مَا أكلت من غير تنغيص، والمريء: هُوَ الْمَحْمُود الْعَاقِبَة؛ وَذَلِكَ أَلا يُورث تخمة. وَعَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ: إِذا مرض أحدكُم، فليستقرض من امْرَأَته ثَلَاثَة دَرَاهِم من صَدَاقهَا، وليشتري بهَا عسلا، وليخلطه بِمَاء السَّمَاء، ثمَّ ليَأْكُل؛ فَإِنَّهُ الشِّفَاء الْمُبَارك والهنيء المريء.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلَا تُؤْتوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُم﴾ أَكثر الْمُفَسّرين على أَن المُرَاد بالسفهاء: الصّبيان وَالنِّسَاء هَاهُنَا، وَقَالَ الشّعبِيّ: الْمَرْأَة أسفه من كل سَفِيه.
قَالَ سعيد بن جُبَير: معنى الْآيَة: أَن لَا تجْعَلُوا الْمَرْأَة قيمَة الْبَيْت فِي المعاش، بل كونُوا أَنْتُم قوامين على النِّسَاء فِي المعاش، وَقَوله: ﴿الَّتِي جعل الله لكم قيَاما﴾ فالقيام والقوام وَاحِد، يَعْنِي: أَمْوَالكُم الَّتِي جعلهَا الله قواما لمعاشكم، وَقَالَ الزّجاج: تَقْدِيره: الْأَمْوَال الَّتِي تقيمكم فتقومون بِهِ قيَاما ﴿وارزقوهم فِيهَا وأكسوهم﴾ قيل: مَعْنَاهُ: وارزقوهم مِنْهَا، وَقيل كلمة فِي حقيقتهما، وَمَعْنَاهُ: اجعلوا وظائفهم من الرزق وَالْكِسْوَة فِيهَا.
﴿وَقُولُوا لَهُم قولا مَعْرُوفا﴾ قيل: مَعْنَاهُ: تَعْلِيم الدّين والشرائع، وَقيل: أَرَادَ بِهِ: وعد الْجَمِيل؛ وَذَلِكَ أَن تَقول لَهُم: إِن سَافَرت وربحت، أُعْطِيكُم كَذَا، وَإِن غزوت