﴿غير مضار وَصِيَّة من الله وَالله عليم حَلِيم (١٢) تِلْكَ حُدُود الله وَمن يطع الله وَرَسُوله يدْخلهُ جنَّات تجْرِي من تحتهَا الْأَنْهَار خَالِدين فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْز الْعَظِيم (١٣) وَمن يعْص الله وَرَسُوله ويتعد﴾
وَقَالَ البصريون: وَهُوَ قَول أَبى بكر، وَعلي، وَابْن مَسْعُود، وَزيد، وفى أصح الرِّوَايَتَيْنِ عَن ابْن عَبَّاس: أَن الْكَلَالَة: اسْم للْمَيت الَّذِي لَيْسَ لَهُ ولد وَلَا وَالِد، وَهُوَ ظَاهر الْآيَة، وَتشهد لَهُ الْقِرَاءَة الْأُخْرَى فِي الشواذ: " وَإِن كَانَ رجل يُورث كَلَالَة " مشددا بِفَتْح الرَّاء. قَالَ الشَّاعِر:
(وَإِن أَبَا الْمَرْء أحمى لَهُ | وَمولى الْكَلَالَة لَا يغْضب) |
وَفِيه قَول آخر: أَن الْكَلَالَة اسْم للتركة، قَالَه عَطاء. وَقَوله: ﴿وَله أَخ أَو أُخْت فَلِكُل وَاحِد مِنْهُمَا السُّدس﴾ أَجمعُوا على أَن المُرَاد بالأخ وَالْأُخْت هَاهُنَا أَوْلَاد الْأُم، وَفرض لكل وَاحِد مِنْهُم السُّدس ذكرا كَانَ أَو أُنْثَى.
﴿فَإِن كَانُوا أَكثر من ذَلِك فهم شُرَكَاء فِي الثُّلُث﴾ وَفِيه إِجْمَاع، أَن فرضهم الثُّلُث إِذا تعددوا، وَإِن كَثُرُوا ﴿من بعد وَصِيَّة يوصى بهَا أَو دين غير مضار﴾ يَعْنِي: الْمُوصي لَا يضر بالورثة بمجاوزة الثُّلُث، وَنَحْوه ﴿وَصِيَّة من الله﴾ أَي: فَرِيضَة من الله ﴿وَالله عليم حَلِيم﴾
﴿تِلْكَ حُدُود الله﴾ يَعْنِي: مَا ذكر من الْفُرُوض المحدودة، (وَمن يطع الله وَرَسُوله يدْخلهُ جنَّات تجرى من تحتهَا الْأَنْهَار خَالِدين فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْز الْعَظِيم) ذكر ثَوَاب من أطاعه، وَلم يُجَاوز حُدُوده
﴿وَمن يعْص الله وَرَسُوله ويتعد حُدُوده يدْخلهُ نَارا خَالِدا فِيهَا وَله عَذَاب مهين﴾ ذكر عِقَاب من عَصَاهُ، وَجَاوَزَ حُدُوده.
قَوْله - تَعَالَى -: ﴿واللاتي يَأْتِين الْفَاحِشَة من نِسَائِكُم﴾ اللَّاتِي، وَالَّتِي،