﴿أَن يَأْتِين بِفَاحِشَة مبينَة وعاشروهن بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كرهتموهن فَعَسَى أَن تكْرهُوا شَيْئا وَيجْعَل الله فِيهِ خيرا كثيرا (١٩) وَإِن أردتم استبدال زوج مَكَان زوج وَآتَيْتُم إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئا﴾
قَالَ: ﴿وَبَنَات الْأَخ وَبَنَات الْأُخْت﴾ وَمِنْهَا بَنَات الْأَخ وَبَنَات الْأُخْت: وَهِي بنت كل من تنْسب إِلَى من تنْسب إِلَيْهِ، فَهَذِهِ السَّبْعَة بِالنّسَبِ.
وَأما السَّبع بِالسَّبَبِ: فإحداهن مَذْكُورَة قبل هَذِه الْآيَة فِي قَوْله: ﴿وَلَا تنْكِحُوا مَا نكح آباؤكم من النِّسَاء﴾، وَالثَّانيَِة فِي قَوْله: ﴿وأمهاتكم اللَّاتِي أرضعنكم﴾، وَالثَّالِثَة: ﴿وأخواتكم من الرضَاعَة﴾، وَلَا خلاف أَن الْأُم وَالْأُخْت من الرضَاعَة حرَام على الرجل نِكَاحهَا، فَأَما مَا عدا الْأُمَّهَات وَالْأَخَوَات من الرضَاعَة حرَام أَيْضا عِنْد أَكثر الْعلمَاء؛ لقَوْله " يحرم من الرَّضَاع مَا يحرم من النّسَب ".
قَالَ دَاوُد، وَأهل الظَّاهِر: لَا يحرم مَا عدا الْأُمَّهَات وَالْأَخَوَات بِالرّضَاعِ؛ تمسكا بِظَاهِر الْقُرْآن.
قَالَ ﴿وَأُمَّهَات نِسَائِكُم﴾ الرَّابِعَة: أم الزَّوْجَة، تحرم على الْإِطْلَاق بِنَفس العقد على قَول الْأَكْثَرين، وَحكى خلاس عَن عَليّ رضى الله عَنهُ أَنه قَالَ: " لَا تحرم أم الزَّوْجَة إِلَّا بعد الدُّخُول بِالزَّوْجَةِ لقَوْله تَعَالَى: ﴿وربائبكم اللاتى فِي حجوركم من نِسَائِكُم اللَّاتِي دَخَلْتُم بِهن﴾ قَالَ: فَقَوله: ﴿من نِسَائِكُم اللَّاتِي دَخَلْتُم بِهن﴾ ينْصَرف إِلَيْهِمَا جَمِيعًا. وَالْأول أصح.
قَالَ ابْن عَبَّاس: أبهموا مَا أبهمه الله، أَي: أطْلقُوا مَا أطلقهُ الله، وَلِأَن قَوْله: ﴿وَأُمَّهَات نِسَائِكُم﴾ مُسْتَقل بِنَفسِهِ، مُعْتَد بِحكمِهِ، فيستغني عَن الْإِظْهَار؛ وَلِأَن قَوْله: وَأُمَّهَات نِسَائِكُم من نِسَائِكُم اللَّاتِي دَخَلْتُم بِهن على هَذَا التَّقْدِير يكون عيا فِي الْكَلَام، فَلَا يَلِيق بِكَلَام الله تَعَالَى الَّذِي هُوَ أفْصح أَنْوَاع الْكَلَام.
قَالَ: ﴿وربائبكم اللَّاتِي فِي حجوركم من نِسَائِكُم اللَّاتِي دَخَلْتُم بِهن﴾.