( ﴿الْمُؤْمِنَات فَمن مَا ملكت أَيْمَانكُم من فَتَيَاتكُم الْمُؤْمِنَات وَالله أعلم بإيمانكم بَعْضكُم من بعض فانكحوهن بِإِذن أهلهن وآتوهن أُجُورهنَّ بِالْمَعْرُوفِ محصنات غير مسافحات وَلَا متخذات﴾ مَا على الْمُحْصنَات) يَعْنِي: الْحَرَائِر ﴿من الْعَذَاب﴾ أَي: من عَذَاب الْحَد، وحد الْحَرَائِر: يكون بِالْجلدِ؛ وَيكون بِالرَّجمِ، وَالرَّجم لَا ينتصف؛ فَكَانَ المُرَاد تنصيف الْجلد. وَذهب بعض الْعلمَاء إِلَى أَن الْأمة الْبكر إِذا زنت، لَا حد عَلَيْهَا؛ لظَاهِر هَذِه الْآيَة، وَهَذَا لَا يَصح.
قَالَ الزُّهْرِيّ: حد الْأمة الثّيّب ثَابت بِهَذِهِ الْآيَة، وحد الْأمة الْبكر ثَابت بِالسنةِ، وَالسّنة الْمَعْرُوفَة فِيهِ: قَوْله: " إِذا زنت أمة أحدكُم فليجلدها " ﴿ذَلِك لمن خشِي الْعَنَت مِنْكُم﴾ الْعَنَت: الزِّنَا، وَقد يكون بِمَعْنى الْمَشَقَّة، كَمَا بَينا ﴿وَأَن تصبروا﴾ يَعْنِي: عَن نِكَاح الْإِمَاء ﴿خير لكم﴾ كَيْلا يخلق الْوَلَد رَقِيقا ﴿وَالله غَفُور رَحِيم﴾.
قَوْله تَعَالَى: ﴿يُرِيد الله ليبين لكم﴾ يَعْنِي: أَن يبين لكم، وَمثله قَول الشَّاعِر:
(أُرِيد لأنسى ذكرهَا فَكَأَنَّمَا | تمثل لي ليلى بِكُل سَبِيل) |
قَوْله: ﴿ليبين لكم﴾ أَي: يُوضح لكم الْأَحْكَام ﴿وَيهْدِيكُمْ﴾ أَي: يرشدكم ﴿سنَن الَّذين من قبلكُمْ﴾ أَي: طرائق الَّذين من قبلكُمْ من النبين، وَالصَّالِحِينَ، وَقيل: من قوم مُوسَى، وَعِيسَى، الَّذين هُدُوا بِالْحَقِّ؛ وَذَلِكَ أَنه حرم عَلَيْهِم مَا حرم على الْمُسلمين من الْمَحَارِم الْمَذْكُورَات، وَقيل: مَعْنَاهُ: وَيهْدِيكُمْ إِلَى الْملَّة الحنيفية، مِلَّة إِبْرَاهِيم، ﴿وَيَتُوب عَلَيْكُم﴾ قَالَ ابْن عَبَّاس: بداء من الله، وَمَعْنَاهُ: يوفقكم للتَّوْبَة، وَقيل: يرشدكم إِلَى السَّبِيل الَّذِي يدعوكم إِلَى التَّوْبَة ﴿وَالله عليم﴾ بمصالح أَمركُم