﴿على بعض للرِّجَال نصيب مِمَّا اكتسبوا وللنساء نصيب مِمَّا اكتسبن واسألوا الله من فَضله إِن الله كَانَ بِكُل شئ عليما (٣٢) وَلكُل جعلنَا موَالِي مِمَّا ترك الْوَالِدَان وَالْأَقْرَبُونَ وَالَّذين﴾
﴿واسألوا الله من فَضله﴾ وَفِي هَذَا دَلِيل على أَن الْحَسَد حرَام؛ والحسد: هُوَ أَن يتَمَنَّى زَوَال النِّعْمَة عَن صَاحبه، ويتمناها لنَفسِهِ، وَالْغِبْطَة: هُوَ أَن يتَمَنَّى لنَفسِهِ مثل مَا لصَاحبه، فالحسد حرَام، وَالْغِبْطَة لَا بَأْس بهَا، ثمَّ اخْتلفُوا فِي معنى الْفضل هَاهُنَا، قَالَ ابْن عَبَّاس: واسألوا الله من فَضله، أَي: من رزقه.
وَقَالَ سعيد بن جُبَير: مَعْنَاهُ: ﴿واسألوا الله من فَضله﴾ أَي: من عِبَادَته، وَقيل: هُوَ سُؤال التَّوْفِيق على الطَّاعَة ﴿إِن الله كَانَ بِكُل شئ عليما﴾.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلكُل جعلنَا موالى﴾ وَلكُل من الرِّجَال وَالنِّسَاء جعلنَا وَرَثَة، قَالَ مُجَاهِد: الموالى هَاهُنَا: بَنو الْأَعْمَام، وَقَالَ الشَّاعِر:

(مهلا بني عمنَا مهلا موالينا لَا تنشبوا بَيْننَا مَا كَانَ مَدْفُونا)
وَقيل: هم جَمِيع الْأَقَارِب، وَمعنى الْآيَة: وَلكُل جعلنَا موَالِي يُعْطون ﴿مِمَّا ترك الْوَالِدَان وَالْأَقْرَبُونَ﴾ ﴿وَالَّذين عاقدت أَيْمَانكُم فآتوهم نصِيبهم﴾ عاقدت، وعقدت، وحالفت بِمَعْنى وَاحِد، وَهُوَ من الْحلف والعهد: وَهُوَ أَن يَقُول الرجل لصَاحبه: دمي دمك، وَمَالِي مَالك، وترثني وأرثك، وَكَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة يُورث بِالْحلف، وَأقر عَلَيْهِ فِي الْإِسْلَام، وَكَانَ للحليف السُّدس، ثمَّ نسخ ذَلِك بقوله تعالي: ﴿وَأولُوا الْأَرْحَام بَعضهم أولى بِبَعْض﴾ وَقيل: هَذَا فِي التوريث بالتبني، وَكَانَ ثَابتا، ثمَّ نسخ ﴿إِن الله كَانَ على كل شئ شَهِيدا﴾.
قَوْله تَعَالَى: ﴿الرِّجَال قوامون على النِّسَاء بِمَا فضل الله بَعضهم على بعض﴾ سَبَب نزُول الْآيَة: أَن امْرَأَة سعد بن الرّبيع جَاءَت إِلَى النَّبِي وَقَالَت: " إِن زَوجي


الصفحة التالية
Icon