﴿نصيب من الْملك فَإِذا لَا يُؤْتونَ النَّاس نقيرا (٥٣) أم يحسدون النَّاس على مَا آتَاهُم الله من فَضله فقد آتَيْنَا آل إِبْرَاهِيم الْكتاب وَالْحكمَة وآتيناهم ملكا عَظِيما (٥٤) فَمنهمْ من آمن بِهِ﴾ وَمُجاهد، وَجَمَاعَة: أَرَادَ بِهِ: مُحَمَّدًا وَحده، وَقَالَ قَتَادَة: أَرَادَ بِهِ الْعَرَب؛ حسدهم الْيَهُود ببعث النَّبِي مِنْهُم، وَفِيه قَول ثَالِث: أَرَادَ بِهِ: مُحَمَّدًا وَأَصْحَابه، وَقَالَ أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن عَليّ الباقر: نَحن النَّاس؛ وَذَلِكَ أَنهم حسدوا، فَإِذا قُلْنَا بالْقَوْل الأول: أَنه مُحَمَّد وَحده؛ فَاخْتَلَفُوا فِي الْفضل الْمَذْكُور فِي الْآيَة مَا هُوَ؟ قَالَ بَعضهم: هُوَ النُّبُوَّة حسد الرَّسُول بهَا، وَقَالَ بَعضهم: هُوَ تَحْلِيل الزَّوْجَات فِيمَا زَاد على الْأَرْبَع، حسده الْيَهُود عَلَيْهِ؛ فَقَالُوا: مَا بَال هَذَا الرجل همه فِي النِّكَاح، ينْكح، وينكح. ﴿فقد آتَيْنَا آل إِبْرَاهِيم الْكتاب وَالْحكمَة﴾ أَرَادَ بآل إِبْرَاهِيم: دَاوُد، وَسليمَان، وَالْكتاب: هُوَ الْكتاب الَّذِي أنزل عَلَيْهِم، وَأما الْحِكْمَة: قيل: هِيَ النُّبُوَّة، وَقيل هِيَ السّنة.
وَمعنى الْآيَة: أَنهم إِن حسدوا الرَّسُول بِمَا أُوتى من الْفضل، فليحسدوا آل إِبْرَاهِيم؛ فَإِنَّهُم قد أُوتُوا الْكتاب وَالْحكمَة ﴿وآتيناهم ملكا عَظِيما﴾ اخْتلفُوا فِي الْملك الْعَظِيم: فَمن فسر الْفضل بتحليل الزَّوْجَات، فسر الْملك الْعَظِيم بِهِ أَيْضا، وَقد كَانَ لداود تسع وَتسْعُونَ امْرَأَة، ولسليمان مائَة امْرَأَة، وَقيل: كَانَ لِسُلَيْمَان سَبْعمِائة امْرَأَة، وثلثمائة سَرِيَّة، وَقيل: أعْطى نَبينَا صلوَات الله عَلَيْهِ قُوَّة سبعين شَابًّا فِي المباضعة.
وَقيل: الْملك الْعَظِيم: ملك سُلَيْمَان، وَقيل: المُرَاد بِهِ تأييدهم بالجنود من الْمَلَائِكَة.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَمنهمْ من آمن بِهِ﴾ يعْنى: بِالْكتاب ﴿وَمِنْهُم من صد عَنهُ﴾ أَي: أعرض عَنهُ، وَقيل: مَعْنَاهُ: فَمنهمْ من آمن بِمُحَمد، وَمِنْهُم من صد عَنهُ ﴿وَكفى بجهنم سعيرا﴾ والسعير: هِيَ النَّار المسعرة.