﴿وَمِنْهُم من صد عَنهُ وَكفى بجهنم سعيرا (٥٥) إِن الَّذين كفرُوا بِآيَاتِنَا سَوف نصليهم نَارا كلما نَضِجَتْ جُلُودهمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيرهَا ليذوقوا الْعَذَاب إِن الله كَانَ عَزِيزًا حكيما﴾
قَوْله تَعَالَى ﴿إِن الَّذين كفرُوا بِآيَاتِنَا سَوف نصليهم نَارا﴾ أَي نلقيهم فِي النَّار، وَيُقَال: صلى النَّار، إِذا قرب مِنْهَا، قَالَ الشَّاعِر يصف امْرَأَة:

(تجْعَل الْمسك واليلنجوج والند صلاء لَهَا على الكانون)
﴿كلما نَضِجَتْ جُلُودهمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيرهَا ليذوقوا الْعَذَاب﴾ قيل: قُرِئت هَذِه الْآيَة عِنْد عمر رَضِي الله عَنهُ وَكَانَ عِنْده معَاذ بن جبل، فَقَالَ: تبدل جُلُودهمْ فِي كل سَاعَة سبعين مرّة، قَالَ عمر: كَذَا سَمِعت رَسُول الله ".
وَقَالَ الْحسن: فِي كل يَوْم سبعين ألف مرّة.
فَإِن قيل: إِذا بدلت جُلُودهمْ، فَكيف يعذب غير الْجلد الَّذِي كَانَ فِي الدُّنْيَا؟ قيل: إِنَّمَا يعذب الشَّخْص فِي الْجلد دون الْجلد، وَقيل: يُعَاد الْجلد الأول فِي كل مرّة، إِلَّا أَنه سَمَّاهُ جلدا غَيره، وَمثله جَائِز، تَقول الْعَرَب: صغت من خَاتمِي خَاتمًا غَيره، وَإِن كَانَ الثَّانِي إِعَادَة للْأولِ، وَفِي الْخَبَر: " أَن بصر جلد الْكَافِر فِي النَّار أَرْبَعُونَ ذِرَاعا يَعْنِي: غلظه وضرسه مثل جبل أحد، وَمَا بَين مَنْكِبَيْه مسيرَة ثَلَاثَة أَيَّام ".


الصفحة التالية
Icon