﴿أَهلهَا وَإِذا حكمتم بَين النَّاس أَن تحكموا بِالْعَدْلِ إِن الله نعما يعظكم بِهِ إِن الله كَانَ سميعا بَصيرًا (٥٨) يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا أطِيعُوا الله وَأَطيعُوا الرَّسُول وأولي الْأَمر مِنْكُم فَإِن تنازعتم﴾ وَالْقَوْل الثَّانِي: أَنه أَرَادَ بِهِ: تَفْوِيض الْأَمر إِلَى الْوُلَاة بِالطَّاعَةِ لَهُم، وَالْقَوْل الثَّالِث - وَهُوَ قَول عَامَّة الْمُفَسّرين -: أَن المُرَاد مِنْهُ رد مَفَاتِيح الْكَعْبَة.
وَسبب نزُول الْآيَة مَا روى: " أَن رَسُول الله لما فتح مَكَّة، أَخذ مِفْتَاح الْكَعْبَة من عُثْمَان بن طَلْحَة، وَفتح الْبَاب، وَدخل الْكَعْبَة، فَلَمَّا خرج، قَالَ الْعَبَّاس: بِأبي أَنْت وَأمي يَا رَسُول الله، اجْمَعْ لي بَين السدَانَة والسقاية فهم رَسُول الله أَن يدْفع الْمِفْتَاح إِلَيْهِ؛ فَنزل قَوْله تَعَالَى: ﴿إِن الله يَأْمُركُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَات إِلَى أَهلهَا﴾، فَدَعَا رَسُول الله عُثْمَان بن طَلْحَة، وَدفع إِلَيْهِ الْمِفْتَاح، وَقَالَ: خذوها يَا بني طَلْحَة، خالدة تالدة، لَا يَنْزِعهَا عَنْكُم إِلَّا ظَالِم " وَكَانَ مَعَ عُثْمَان حَيَاته، فَلَمَّا توفّي دَفعه إِلَى أَخِيه شيبَة، فَهُوَ فِي بني شيبَة إِلَى قيام السَّاعَة.
﴿وَإِذا حكمتم بَين النَّاس أَن تحكموا بِالْعَدْلِ﴾ أَي: بِالْقِسْطِ ﴿إِن الله نعما يعظكم بِهِ إِن الله كَانَ سميعا بَصيرًا﴾.
قَوْله - تَعَالَى -: ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا أطِيعُوا الله وَأَطيعُوا الرَّسُول وَأولى الْأَمر مِنْكُم﴾ اخْتلفُوا فِي أولى الْأَمر، قَالَ ابْن عَبَّاس، وَجَابِر - وَهُوَ قَول جمَاعَة -: هم الْعلمَاء وَالْفُقَهَاء، وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة: هم الْوُلَاة والسلاطين، وَقيل: هم أُمَرَاء السَّرَايَا الَّذين بَعثهمْ رَسُول الله فِي الحروب، وَقد صَحَّ أَنه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام قَالَ: " من عصى أَمِيري فقد عَصَانِي، وَمن عَصَانِي فقد عصى الله، وَمن أطَاع أَمِيري فقد أَطَاعَنِي، وَمن أَطَاعَنِي فقد أطَاع الله ".