﴿وَالرَّسُول فَأُولَئِك مَعَ الَّذين أنعم الله عَلَيْهِم من النَّبِيين وَالصديقين وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحسن أُولَئِكَ رَفِيقًا (٦٩) ذَلِك الْفضل من الله وَكفى بِاللَّه عليما (٧٠) يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا﴾
قَوْله - تَعَالَى -: ﴿وَمن يطع الله وَالرَّسُول فَأُولَئِك مَعَ الَّذين أنعم الله عَلَيْهِم﴾ سَبَب نزُول الْآيَة، مَا روى: أَن بعض أَصْحَاب رَسُول الله قَالُوا: يَا رَسُول الله، كَيفَ يكون الْحَال فِي الْجنَّة، وَأَنت فِي الدَّرَجَات الْعلي، وَنحن أَسْفَل مِنْك، وَكَيف نرَاك؟ فَنزلت الْآيَة. وَذكر النقاش فِي تَفْسِيره: أَن ذَلِك الْقَائِل كَانَ عبد الله بن زيد بن عبد ربه الْأنْصَارِيّ.
وروى: أَن رجلا قَالَ: لرَسُول الله أَنْت أحب إِلَى من أَهلِي وَمَالِي وَوَلَدي، وَإِذا غبت عَنى يُصِيبنِي شبه الْجُنُون، حبا لَك، فَكيف حَالي مَعَك فِي الْجنَّة؟ فَنزلت الْآيَة " ﴿فَأُولَئِك مَعَ الَّذين أنعم الله عَلَيْهِم من النَّبِيين﴾ قيل: ذَلِك بِأَن ينزل إِلَيْهِم النَّبِيُّونَ؛ حَتَّى يروهم، لَا أَن يرفعوا إِلَى درجاتهم، وَقيل: مَعْنَاهُ: أَنهم لَا يفوتهُمْ رُؤْيَة النَّبِيين ومجالستهم، وَقَوله: ﴿وَالصديقين﴾ يعْنى: أَصْحَاب رَسُول الله، وَالصديق المبالغ فِي الصدْق، ﴿وَالشُّهَدَاء﴾ الَّذين اسْتشْهدُوا يَوْم أحد.
وَاخْتلفُوا فِي أَنهم لم سموا شُهَدَاء؟ قَالَ بَعضهم: لأَنهم قَامُوا بِشَهَادَة الْحق حَتَّى قتلوا، وَقيل: لِأَن أَرْوَاحهم تشهد الْجنَّة عقيب الْقَتْل، ﴿وَالصَّالِحِينَ﴾ الصَّالح: من اسْتَوَت سريرتيه عَلَانِيَته ﴿وَحسن أُولَئِكَ رَفِيقًا﴾ الرفيق: الْوَاحِد، وَهُوَ بِمَعْنى الْجمع هَاهُنَا ﴿ذَلِك الْفضل من الله وَكفى بِاللَّه عليما﴾.
قَوْله - تَعَالَى -: ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا خُذُوا حذركُمْ﴾ أَي: عدتكم، والحذر: مَا يتقى بِهِ من الْعَدو، نَحْو الْعدة وَالسِّلَاح، (فانفروا ثبات) جمع " ثبة " قَالَ ابْن عَبَّاس: " الثبة ": مَا فَوق الْعشْرَة، وَقَالَ أَبُو عَمْرو بن الْعَلَاء: " الثبة " النَّفر، وَمَعْنَاهُ: انفروا جماعات، نَفرا نَفرا (أَو انفروا جَمِيعًا).
وَهَذَا دَلِيل على أَن الْجِهَاد فرض على الْكِفَايَة، وَقيل إِن الْآيَة صَارَت مَنْسُوخَة؛


الصفحة التالية
Icon