﴿خُذُوا حذركُمْ فانفروا ثبات أَو انفروا جَمِيعًا (٧١) وَإِن مِنْكُم لمن ليبطئن فَإِن أَصَابَتْكُم مُصِيبَة قَالَ قد أنعم الله عَليّ إِذْ لم أكن مَعَهم شَهِيدا (٧٢) وَلَئِن أَصَابَكُم فضل من الله﴾ لقَوْله - تَعَالَى -: ﴿وَمَا كَانَ الْمُؤمنِينَ لينفروا كَافَّة﴾.
قَوْله - تَعَالَى -: ﴿وَإِن مِنْكُم لمن ليبطئن﴾ أَي: ليتأخرن، والبطء: التَّأْخِير.
وَقيل: هَذَا فِي عبد الله بن أبي بن سلول ﴿فَإِن أَصَابَتْكُم مُصِيبَة﴾ يعْنى: بِالْقَتْلِ وَالْجرْح فِي الْجِهَاد ﴿قَالَ قد أنعم الله على إِذْ لم أكن مَعَهم شَهِيدا﴾ أَي: حَاضرا
﴿وَلَئِن أَصَابَكُم فضل من الله﴾ أَي: الْغَنِيمَة (ليَقُولن) - بِنصب اللَّام - وَيقْرَأ فِي الشواذ: بِرَفْع اللَّام وَالْمعْنَى وَاحِد ﴿كَأَن لم تكن بَيْنكُم وَبَينه مَوَدَّة﴾ قيل: فِي الْآيَة تَقْدِيم وَتَأْخِير، وَتَقْدِيره: فَإِن أَصَابَتْكُم مُصِيبَة، قَالَ: قد أنعم الله على؛ إِذْ لم أكن مَعَهم شَهِيدا، كَأَن لم تكن بَيْنكُم وَبَينه مَوَدَّة، أَي: معاقدة ومعاهدة على الْجِهَاد، وَقيل: أَرَادَ بِهِ: مَوَدَّة الصُّحْبَة. ثمَّ ابْتَدَأَ ﴿وَلَئِن أَصَابَكُم فضل من الله ليَقُولن يَا لَيْتَني كنت مَعَهم فأفوز فوزا عَظِيما﴾.
قَوْله - تَعَالَى -: ﴿فليقاتل فِي سَبِيل الله الَّذين يشرون الْحَيَاة الدُّنْيَا﴾ أَي: يبيعون ﴿بِالآخِرَة وَمن يُقَاتل فِي سَبِيل الله فَيقْتل أَو يغلب فَسَوف نؤتيه أجرا عَظِيما﴾ وَهُوَ معنى قَوْله فِي سُورَة التَّوْبَة: ﴿فيقتلون وَيقْتلُونَ﴾.
قَوْله - تَعَالَى -: ﴿وَمَا لكم لَا تقاتلون فِي سَبِيل الله﴾ عتب على أَصْحَاب رَسُول الله بترك الْقِتَال ﴿وَالْمُسْتَضْعَفِينَ﴾ وهم الَّذين أَسْلمُوا بِمَكَّة وَسَكنُوا بأعذار، وَبَعْضهمْ منعُوا من الْهِجْرَة، قَالَ ابْن عَبَّاس: كنت أَنا وَأمي من الْمُسْتَضْعَفِينَ.
قَالَ الْأَزْهَرِي: معنى الْآيَة: لَا تقاتلون فِي سَبِيل الله، وَفِي سَبِيل الْمُسْتَضْعَفِينَ؛ بتخليصهم من أَيدي الْمُشْركين ﴿من الرِّجَال وَالنِّسَاء والولدان الَّذين يَقُولُونَ رَبنَا أخرجنَا من هَذِه الْقرْيَة﴾ وَهِي مَكَّة بِاتِّفَاق الْمُفَسّرين ﴿الظَّالِم أَهلهَا﴾ أَي: الْمُشرك أَهلهَا ﴿وَاجعَل لنا من لَدُنْك وليا﴾ أَي: من يَلِي أمرنَا {وَاجعَل لنا من لَدُنْك


الصفحة التالية
Icon