﴿الَّذِي تَقول وَالله يكْتب مَا يبيتُونَ فَأَعْرض عَنْهُم وتوكل على الله وَكفى بِاللَّه وَكيلا (٨١) أَفلا يتدبرون الْقُرْآن وَلَو كَانَ من عِنْد غير الله لوجدوا فِيهِ اخْتِلَافا كثيرا (٨٢) وَإِذا جَاءَهُم﴾ ﴿شَفَاعَة سَيِّئَة يكن لَهُ كفل مِنْهَا﴾ قَالَ ابْن عَبَّاس: الشَّفَاعَة الْحَسَنَة: هِيَ الْإِصْلَاح بَين النَّاس، والشفاعة السَّيئَة: هِيَ الْمَشْي بالنميمة بَين النَّاس، وَقيل: هُوَ فِي كل الشفاعات، فالشفاعة الْحَسَنَة: هِيَ أَن يَقُول قولا حسنا؛ ينَال بِهِ الْخَيْر، والشفاعة السَّيئَة: هِيَ أَن يَقُول قولا قبيحا؛ يلْحق بِهِ سوء.
قَوْله: ﴿يكن لَهُ نصيب مِنْهَا﴾ أَي: من أجرهَا، وَقَوله: ﴿يكن لَهُ كفل مِنْهَا﴾ أَي: من وزرها، والكفل: النَّصِيب، قَالَ الله تَعَالَى: ﴿يُؤْتكُم كِفْلَيْنِ من رَحمته﴾ أَي نَصِيبين.
وَاعْلَم أَن الْإِنْسَان يُؤجر على الشَّفَاعَة، وَإِن لم يشفع؛ لِأَن الله تَعَالَى يَقُول: ﴿من يشفع﴾، وَلم يقل: من يشفع، وَقد روى أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ عَن رَسُول الله أَنه قَالَ: " اشفعوا تؤجروا، وَيَقْضِي الله على لِسَان نبيه مَا شَاءَ ".
وَاعْلَم أَن الشَّفَاعَة مُسْتَحبَّة فِي كل الْحُقُوق إِلَّا فِي حُدُود الله تَعَالَى؛ فَإِنَّهُ لَا يجوز فِيهَا الشَّفَاعَة ليترك الْحَد، وَقد قَالَ: " من شفع فِي حد من حُدُود من الله تَعَالَى فقد ضاد الله فِي ملكه " أَي: نازعه فِي ملكه.
﴿وَكَانَ الله على كل شَيْء مقيتا﴾ قَالَ ابْن عَبَّاس: المقيت: المقتدر، قَالَ الشَّاعِر:
(وَذي ضغن كَفَفْت النَّفس عَنهُ | وَكنت على مساءته مقيتا) |