﴿الْحق من رَبهم وَأما الَّذين كفرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ الله بِهَذَا مثلا يضل بِهِ كثيرا وَيهْدِي بِهِ كثيرا وَمَا يضل بِهِ إِلَّا الْفَاسِقين (٢٦) الَّذين ينقضون﴾ عَن قشرها، وَمعنى إضلالهم بِالْمثلِ أَنه لما ضرب الْمثل فَكَفرُوا بِهِ ازدادوا ضلالا.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿الَّذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه﴾ أَي: يخالفون أَمر الله. والميثاق: مفعال من التوثقة وَهُوَ الْعَهْد الْمُؤَكّد. وَفِي مَعْنَاهُ قَولَانِ: أَحدهمَا: أَنه أَرَادَ نقض الْمِيثَاق الأول الَّذِي أَخذه على آدم وَذريته بقوله ﴿أَلَسْت بربكم قَالُوا بلَى﴾.
وَقيل: أَرَادَ بِهِ نقض الْمِيثَاق الَّذِي أَخذه على النَّبِيين وَسَائِر الْأُمَم أَن [يُؤمنُوا] بِمُحَمد بقوله: ﴿وَإِذا أَخذ الله مِيثَاق النَّبِيين﴾ الْآيَة.
﴿ويقطعون مَا أَمر الله بِهِ أَن يُوصل﴾ فِيهِ ثَلَاثَة أَقْوَال؛ أَحدهَا: أَنهم يقطعون مَا أمروا بوصله من الْإِيمَان بِمُحَمد وبسائر الرُّسُل. وَقيل: أَرَادَ بِهِ قطع الرَّحِم. وَالْأول أولى؛ لِأَنَّهُ أَعم، وَقيل: أَرَادَ بِهِ قطع الْعَمَل عَن الْقبُول؛ فَإِنَّهُم لم يعملوا بِمَا قبلوا.
﴿ويفسدون فِي الأَرْض﴾ بِالْمَعَاصِي ﴿أُولَئِكَ هم الخاسرون﴾ المغبونون.
قَوْله تَعَالَى: ﴿كَيفَ تكفرون بِاللَّه﴾ قَالَه تَعَجبا، تكفرون بِاللَّه بعد نصب الدَّلَائِل ووضوح الْبَرَاهِين؟ ! ثمَّ ذكر الدَّلِيل فَقَالَ: ﴿وكنتم أَمْوَاتًا﴾ هَذَا دَلِيل، أَي: كُنْتُم نطفا فِي أصلاب الْآبَاء.
(فأحياكم) أَي: خَلقكُم ﴿ثمَّ يميتكم﴾ عِنْد انْتِهَاء الْأَجَل. ﴿ثمَّ يُحْيِيكُمْ﴾ للبعث ﴿ثمَّ إِلَيْهِ ترجعون﴾ إِلَى الله مصيركم. وَقيل: أَرَادَ بِالْمَوْتِ الأول: الْمَوْت الْمَعْهُود ﴿وكنتم أَمْوَاتًا﴾ أَي: تصيرون أَمْوَاتًا. فأحياكم أَي: يُحْيِيكُمْ فِي الْقَبْر للسؤال، ثمَّ يميتكم بعده فِي الْقَبْر ثمَّ يُحْيِيكُمْ للبعث. ثمَّ إِلَيْهِ ترجعون.
قَوْله تَعَالَى: ﴿هُوَ الَّذِي خلق لكم مَا فِي الأَرْض جَمِيعًا﴾ لكَي تعتبروا