﴿تدعون إِن كُنْتُم صَادِقين (٤٠) بل إِيَّاه تدعون فَيكْشف مَا تدعون إِلَيْهِ إِن شَاءَ وتنسون مَا تشركون (٤١) وَلَقَد أرسلنَا إِلَى أُمَم من قبلك فأخذناهم بالبأساء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُم يَتَضَرَّعُونَ (٤٢) فلولا إِذْ جَاءَهُم بأسنا تضرعوا وَلَكِن قست قُلُوبهم وزين لَهُم﴾ الْمَوْت ﴿أَو أتتكم السَّاعَة﴾ يَعْنِي: الْقِيَامَة ﴿أغير الله تدعون إِن كُنْتُم صَادِقين﴾ هَذَا اسْتِفْهَام بِمَعْنى التَّقْرِير، يَعْنِي: لَا تدعون إِلَّا الله، وَأَرَادَ بِهِ فِي أَحْوَال الضرورات؛ فَإِن الْكفَّار فِي حَال الضرورات يدعونَ الله - تَعَالَى - كَمَا قَالَ: ﴿وَإِذا غشيهم موج كالظلل دعوا الله مُخلصين لَهُ الدّين﴾.
قَوْله - تَعَالَى -: ﴿بل إِيَّاه تدعون﴾ هَذَا تَقْرِير لما استفهم مِنْهُ فِي الْآيَة الأولى، يَعْنِي: بل تدعون الله، وَلَا تدعون غَيره ﴿فَيكْشف مَا تدعون إِلَيْهِ إِن شَاءَ﴾ قيد إِجَابَة الدعْوَة بِالْمَشِيئَةِ هَا هُنَا، وأطلقها فِي قَوْله: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِب لكم﴾.
قَالَ أهل الْعلم: وَذَلِكَ مُقَيّد بِالْمَشِيئَةِ أَيْضا، بِدَلِيل هَذِه الْآيَة.
﴿وتنسون مَا تشركون﴾ وَذَلِكَ أَنهم لما تركُوا الْأَصْنَام فِي حَال الضرورات إِلَى دُعَاء الله؛ فكأنهم نسوا مَا يشركُونَ، وَفِي الْآيَة مجَاز، وَتَقْدِير قَوْله: ﴿فَيكْشف مَا تدعون إِلَيْهِ﴾ أَي: فَيكْشف ضرّ مَا تدعون إِلَيْهِ.
وَقَوله - تَعَالَى -: ﴿وَلَقَد أرسلنَا إِلَى أُمَم من قبلك فأخذناهم بالبأساء وَالضَّرَّاء﴾ البأساء: الْجُوع، والفقر، وَالضَّرَّاء: الْمَرَض، والبلوى فِي النَّفس وَالْمَال.
﴿لَعَلَّهُم يَتَضَرَّعُونَ﴾ التضرع: السُّؤَال بالتذلل، وَحكى أَبُو عبيد عَن الْفراء: فلَان يتَضَرَّع، ويتصدى [أَي] أَنه سَأَلَ متذللا وبتضرع.
قَوْله - تَعَالَى -: ﴿فلولا إِذْ جَاءَهُم بأسنا تضرعوا﴾ أَي: فَهَلا تضرعوا ( ﴿إِذْ جَاءَهُم بأسنا﴾ وَلَكِن قست قُلُوبهم) قَالَ الزّجاج مَعْنَاهُ: بلغت قُلُوبهم فِي