﴿مهتدون (٨٢) وَتلك حجتنا آتيناها إِبْرَاهِيم على قومه نرفع دَرَجَات من نشَاء إِن رَبك حَكِيم عليم (٨٣) وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاق وَيَعْقُوب كلا هدينَا ونوحا هدينَا من قبل وَمن ذُريَّته دَاوُود وَسليمَان وَأَيوب ويوسف ومُوسَى وَهَارُون وَكَذَلِكَ نجزي الْمُحْسِنِينَ (٨٤) وزَكَرِيا وَيحيى وَعِيسَى وإلياس كل من الصَّالِحين (٨٥) وَإِسْمَاعِيل وَالْيَسع﴾ هم مهتدون).
قَوْله - تَعَالَى: ﴿وَتلك حجتنا آتيناها إِبْرَاهِيم على قومه﴾ اخْتلفُوا فِيهِ، قَالَ بَعضهم: هِيَ احتجاجه عَلَيْهِم بقوله: ﴿فَأَي الْفَرِيقَيْنِ أَحَق بالأمن﴾، وحجته فِي ذَلِك أَن الَّذِي يعبد الله لَا يُشْرك بِهِ شَيْئا أَحَق بالأمن من الَّذِي يعبد الله ويشرك بِهِ. وَقيل: أَرَادَ بِهِ الْحجَّاج الَّذِي حَاج بِهِ نمروذ، على مَا سبق فِي سُورَة الْبَقَرَة.
﴿نرفع دَرَجَات من نشَاء﴾ يَعْنِي: (بالحجاج)، وَالِاسْتِدْلَال، وَيقْرَأ: " نرفع دَرَجَات " منونا، وَتَقْدِيره: نرفع من نشَاء دَرَجَات ﴿إِن رَبك حَكِيم عليم﴾.
قَوْله - تَعَالَى -: ﴿وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاق وَيَعْقُوب كلا هدينَا ونوحا هدينَا من قبل وَمن ذُريَّته﴾ اخْتلفُوا فِيهِ، قَالَ بَعضهم: أَرَادَ بِهِ: ذُرِّيَّة إِبْرَاهِيم، وَالصَّحِيح أَنه أَرَادَ بِهِ: وَمن ذُرِّيَّة نوح؛ لِأَنَّهُ عد فِي الْجُمْلَة يُونُس ولوطا، وهما من ذُرِّيَّة نوح لَا من ذُرِّيَّة إِبْرَاهِيم ﴿وَمن ذُريَّته دَاوُد وَسليمَان وَأَيوب ويوسف ومُوسَى وَهَارُون وَكَذَلِكَ نجزي الْمُحْسِنِينَ﴾ وَلَيْسَ هَذَا على تَرْتِيب الْأَزْمَان؛ إِذْ كَانَ هَؤُلَاءِ على أزمان مُخْتَلفَة، بَعضهم سَابق على الْبَعْض، (فالواو لَا) تَقْتَضِي التَّرْتِيب وَإِنَّمَا هِيَ للْجمع.
قَوْله - تَعَالَى -: ﴿وزَكَرِيا وَيحيى وعيس﴾ هَذَا دَلِيل على أَن عِيسَى من ذُرِّيَّة آدم، وَإِن كَانَ انتماؤه إِلَى الْأُم؛ لِأَنَّهُ عده من ذُرِّيَّة نوح؛ فَيكون آدم أَبَاهُ من قبل الْأُم ﴿وإلياس كل من الصَّالِحين﴾ قَالَ ابْن مَسْعُود: إلْيَاس هُوَ إِدْرِيس، وَالصَّحِيح أَنه رجل آخر.