﴿ظهوركم وَمَا نرى مَعكُمْ شفعاءكم الَّذين زعمتم أَنهم فِيكُم شُرَكَاء لقد تقطع بَيْنكُم وضل عَنْكُم مَا كُنْتُم تَزْعُمُونَ (٩٤) إِن الله فالق الْحبّ والنوى يخرج الْحَيّ من الْمَيِّت ومخرج الْمَيِّت من الْحَيّ ذَلِكُم الله فَأنى تؤفكون (٩٥) فالق الإصباح وَجعل اللَّيْل﴾ أَرَادَ بِهِ: مَا زَعَمُوا من أَن الْأَصْنَام وَالْمَلَائِكَة شفعاؤنا عِنْد الله ﴿لقد تقطع بَيْنكُم﴾ أَي: وصلكم، وَهُوَ مثل قَوْله: ﴿وتقطعت بهم الْأَسْبَاب﴾ أَي: الموصلات، وَيقْرَأ: " لقد تقطع بَيْنكُم " - بِفَتْح النُّون - وَمَعْنَاهُ: تقطع الْأَمر بَيْنكُم ﴿وضل عَنْكُم مَا كُنْتُم تَزْعُمُونَ﴾.
قَوْله - تَعَالَى -: ﴿إِن الله فالق الْحبّ والنوى﴾ الفلق: الشق، وَمَعْنَاهُ: أَنه يشق الْحبَّة؛ فيستخرج السنبلة من الْحبَّة، ويشق النواة؛ فيستخرج النَّخْلَة من النواة، [وَيدخل] فِي قَوْله: ﴿فالق الْحبّ﴾ جَمِيع البذور والحبوب، وَيدخل فِي قَوْله: ﴿والنوى﴾ نواة جَمِيع الْأَشْجَار؛ مثل نواة المشمش، ونواة الخوخ، ونواة الغبيراء، وَنَحْو ذَلِك، وَقيل: فالق الْحبّ والنوى بِمَعْنى: خَالق الْحبّ والنوى.
﴿يخرج الْحَيّ من الْمَيِّت ومخرج الْمَيِّت من الْحَيّ﴾ وَقد ذكرنَا هَذَا وَاخْتِلَاف الْقِرَاءَة فِيهِ، وَالْفرق بَين الْمَيِّت وَالْمَيِّت ﴿ذَلِكُم الله فَأنى تؤفكون﴾ أَي تصرفون.
قَوْله - تَعَالَى -: ﴿فالق الإصباح﴾ مَعْنَاهُ: أَنه يسْتَخْرج الصُّبْح من اللَّيْل، والإصباح: مصدر، وَهُوَ بِمَعْنى: الصُّبْح هَاهُنَا، أَي: فالق الصُّبْح، وَقَرَأَ إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ: " فلق الإصباح " وَقَرَأَ الْحسن: " فالق الإصباح " - بِنصب الْقَاف - وهما فِي الشواذ.
﴿وَجعل اللَّيْل سكنا﴾ أَي: يسكن فِيهِ، وَيقْرَأ: " وَجعل اللَّيْل سكنا "، أَي: جعل الله اللَّيْل سكنا ﴿وَالشَّمْس وَالْقَمَر حسبانا﴾ أَي: بِحِسَاب عُلُوم، والحسبان: هُوَ الْحساب هَاهُنَا بِمَعْنى أَنَّهُمَا يدوران بِحِسَاب مَعْلُوم مُقَدّر. وَحكى مَنْصُور بن


الصفحة التالية
Icon