﴿وَهُوَ الَّذِي أنزل من السَّمَاء مَاء فأخرجنا بِهِ نَبَات كل شَيْء فأخرجنا مِنْهُ خضرًا نخرج مِنْهُ حبا متراكبا وَمن النّخل من طلعها قنوان دانية وجنات من أعناب وَالزَّيْتُون وَالرُّمَّان﴾ الْأُمَّهَات، وَعَن ابْن مَسْعُود أَنه قَالَ: المستقر: أَرْحَام الْأُمَّهَات، والمستودع: الْقُبُور، وَفِيه قَول ثَالِث: أَن المُرَاد بالمستقر الدُّنْيَا والمستودع: الْآخِرَة، وَيقْرَأ: " فمستقر " بِكَسْر الْقَاف، وَتَقْدِيره: فمنكم مُسْتَقر، وَمِنْه مستودع ﴿قد فصلنا الْآيَات لقوم يفقهُونَ﴾.
قَوْله - تَعَالَى -: ﴿وَهُوَ الَّذِي أنزل من السَّمَاء مَاء فأخرجنا بِهِ نَبَات كل شَيْء، فأخرجنا مِنْهُ خضرًا﴾ هُوَ الْغُصْن الطري ﴿نخرج مِنْهُ حبا متراكبا﴾ أَي: متراكما بعضه على بعض ﴿وَمن النّخل من طلعها قنوان دانية﴾ الطّلع: مَا يخرج من شجر النّخل، والقنوان: العذوق، وَاحِدهَا: قنو، والعذق: أصل الشَّجَرَة، والعذق: الكباسة، والعذق والقنو وَاحِد، وَقَالَ الشَّاعِر:
(أثيث كقنو النَّخْلَة المتعثكل... )
وَقَالَ أَيْضا:
(فأثت أعاليه (ودقت) أُصُوله
(يمِيل بِهِ قنو) من الْبُسْر أحمرا)
وَأما " الدانية " قَالَ الْبَراء بن عَازِب: ﴿قنوان دانية﴾ أَي: قريبَة المتناول، وَفِيه حذف وَتَقْدِيره: قنوان دانية وَغير دانية أَي: قريبَة، المتناول وبعيدة المتناول، فَحذف أَحدهمَا اختصارا؛ لسبقه إِلَى الأفهام، وَمثله قَوْله: ﴿سرابيل تقيكم الْحر﴾ وَتَقْدِيره: تقيكم الْحر وَالْبرد، قَوْله: ﴿وجنات من أعناب﴾ يقْرَأ بِكَسْر التَّاء، ورفعها ﴿وَالزَّيْتُون وَالرُّمَّان مشتبها وَغير متشابه﴾ أَي: مشتبها يشبه بعضه بَعْضًا فِي الْوَرق، وَغير متشابه فِي الثَّمر والطعم، وَهَكَذَا يكون الزَّيْتُون مَعَ الرُّمَّان، فَإِن ورق الزَّيْتُون يشبه ورق الرُّمَّان، وَقيل: تكون أوراقه إِلَى أصل الشَّجَرَة كأوراق الرُّمَّان، ثمَّ يُخَالف


الصفحة التالية
Icon