﴿مشتبها وَغير تشابه انْظُرُوا إِلَى ثمره إِذا أثمر وينعه إِن فِي ذَلِكُم لآيَات لقوم يُؤمنُونَ (٩٩) وَجعلُوا لله شُرَكَاء الْجِنّ وخلقهم وخرقوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَات بِغَيْر علم سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يصفونَ (١٠٠) بديع السَّمَوَات وَالْأَرْض أَنى يكون لَهُ ولد وَلم تكن لَهُ صَاحِبَة وَخلق كل شَيْء وَهُوَ بِكُل شَيْء عليم (١٠١) ذَلِكُم الله ربكُم لَا إِلَه إِلَّا هُوَ خَالق﴾ الرُّمَّان فِي الطّعْم، فَهَذَا معنى قَوْله: ﴿مشتبها وَغير متشابه﴾، ﴿انْظُرُوا إِلَى ثمره إِذا أثمر وينعه﴾ أَي: فِي نضجه، وَمِنْه قَول الْحجَّاج حَيْثُ خطب، وَقَالَ: إِنِّي أرى رُءُوسًا قد أينعت، وآن قطافها، وَأَنا وَالله صَاحبهَا، وَرَأى دِمَاء ترقرق بَين اللحى والعمائم ﴿إِن فِي ذَلِكُم لآيَات لقوم يُؤمنُونَ﴾.
قَوْله - تَعَالَى -: ﴿وَجعلُوا لله شُرَكَاء الْجِنّ﴾ وَذَلِكَ أَنهم كَانُوا يَقُولُونَ: إِن الْمَلَائِكَة بَنَات الله من سروات الْجِنّ ﴿وخلقهم﴾ قيل: إِن الْآيَة رَاجِعَة إِلَى الْجِنّ، وَقيل: رَاجِعَة إِلَى الْكفَّار يَعْنِي: أَنهم يَقُولُونَ ذَلِك ﴿وخلقهم﴾ وَقَرَأَ يحيى بن يعمر: " وخلقهم " بجزم اللَّام، وَهُوَ فِي الشواذ.
﴿وخرقوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَات بِغَيْر علم﴾ يقْرَأ مخففا ومشددا والخرق: الاختلاق، والتخريق: التكثير مِنْهُ، يَعْنِي: واختلقوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَات، وَذَلِكَ مثل قَول الْيَهُود: عُزَيْر ابْن الله، وَمثل قَول النَّصَارَى: الْمَسِيح ابْن الله، وَمثل قَول بَعضهم: الْمَلَائِكَة بَنَات الله ﴿سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يصفونَ﴾.
قَوْله - تَعَالَى -: ﴿بديع السَّمَوَات وَالْأَرْض﴾ أَي: مبدع السَّمَوَات وَالْأَرْض، وَهُوَ الْخَالِق لَا على مِثَال سبق، وَمِنْه المبتدعة، وَلَا يكون الْوَلَد إِلَّا من الصاحبة؛ فَهَذَا معنى قَوْله: ﴿أَنى يكون لَهُ ولد وَلم يكن لَهُ صَاحِبَة وَخلق كل شَيْء﴾ وَفِيه أَيْضا دَلِيل على أَن لَا ولد لَهُ؛ لِأَنَّهُ إِذا كَانَ خلق كل شَيْء؛ لم يصلح شَيْء أَن يكون ولد لَهُ؛ إِذْ الْمَخْلُوق لَا يصلح ولدا للخالق؛ فَإِن ولد كل أحد يكون من جنسه ﴿وَهُوَ بِكُل شَيْء عليم﴾.
قَوْله - تَعَالَى -: ﴿ذَلِكُم الله ربكُم لَا إِلَه إِلَّا هُوَ خَالق كل شَيْء﴾ أكد مَا سبق