﴿سَبِيل الله إِن يتبعُون إِلَّا الظَّن وَإِن هم إِلَّا يخرصون (١١٦) إِن رَبك هُوَ أعلم من يضل عَن سَبيله وَهُوَ أعلم بالمهتدين (١١٧) فَكُلُوا مِمَّا ذكر اسْم الله عَلَيْهِ إِن كُنْتُم بآياته مُؤمنين (١١٨) وَمَا لكم أَلا تَأْكُلُوا مِمَّا ذكر اسْم الله عَلَيْهِ وَقد فصل لكم مَا حرم عَلَيْكُم إِلَّا مَا اضطررتم إِلَيْهِ وَإِن كثيرا ليضلون بأهوائهم بِغَيْر علم إِن رَبك هُوَ أعلم بالمعتدين﴾ ابْن لحي، وَهُوَ أول من غير دين إِبْرَاهِيم ﴿وَهُوَ أعلم بالمهتدين﴾.
قَوْله - تَعَالَى -: ﴿فَكُلُوا مِمَّا ذكر اسْم الله عَلَيْهِ إِن كُنْتُم بآياته مُؤمنين﴾ أَي: كلوا مَا ذبح على اسْم الله
﴿وَمَا لكم أَلا تَأْكُلُوا مِمَّا ذكر اسْم الله عَلَيْهِ﴾ وَذَلِكَ أَن الْمُشْركين كَانُوا يجادلون الْمُسلمين، وَيَقُولُونَ: إِنَّكُم تَأْكُلُونَ مِمَّا تقتلون، وَلَا تَأْكُلُونَ مِمَّا قَتله الله، وَكَانُوا يَدعُونَهُمْ إِلَى أكل الْميتَة واستحلالها؛ فَنزلت هَذِه الْآيَات ".
﴿وَقد فصل لكم مَا حرم عَلَيْكُم﴾ هُوَ تَفْصِيل مَا عد من الْمُحرمَات: من الْميتَة، وَالدَّم، وَلحم الْخِنْزِير، وَنَحْوه فِي الْقُرْآن، وَقَرَأَ عَطِيَّة: " وَقد فصل لكم " مخففا؛ أَي: ظهر لكم، وَهُوَ مثل مَا يقْرَأ فِي قَوْله: ﴿أحكمت آيَاته ثمَّ فصلت﴾ مخففا ﴿وَقد فصل لكم مَا حرم عَلَيْكُم إِلَّا مَا اضطررتم إِلَيْهِ وَإِن كثيرا ليضلون بأهوائهم بِغَيْر علم إِن رَبك هُوَ أعلم بالمعتدين﴾.
قَوْله - تَعَالَى -: ﴿وذروا ظَاهر الْإِثْم وباطنه﴾ قيل: ظَاهر الْإِثْم: هُوَ الزِّنَا علنا، وباطنه هُوَ الزِّنَا سرا، وَكَانَ أَشْرَاف الْعَرَب يتكرمون من الزِّنَا عَلَانيَة ويزنون سرا، (فالآية) فِي النَّهْي عَنْهُمَا جَمِيعًا، قَالَ قَتَادَة: أَرَادَ بِهِ: النَّهْي عَن كل الْمعاصِي سرا وجهرا، وَفِي الْآيَة سوى هَذَا أَقْوَال ثَلَاثَة:
أَحدهَا: أَن ظَاهر الْإِثْم هُوَ: نِكَاح الْمَحَارِم، وباطنه: الزِّنَا.
وَالثَّانِي: أَن ظَاهر الْإِثْم: كشف الْعَوْرَة، وباطنه: الزِّنَا.
وَالثَّالِث: أَن ظَاهر الْإِثْم: هُوَ الَّذِي تقترفه الْجَوَارِح، وباطنه الَّذِي يعْقد الْقلب