﴿الْآيَات لقوم يذكرُونَ (١٢٦) لَهُم دَار السَّلَام عِنْد رَبهم وَهُوَ وليهم بِمَا كَانُوا يعْملُونَ (١٢٧) وَيَوْم يحشرهم جَمِيعًا مَا معشر الْجِنّ قد استكثرتم من الْإِنْس وَقَالَ أولياؤهم من الْإِنْس رَبنَا استمتع بَعْضنَا بِبَعْض وبلغنا أجلنا الَّذِي أجلت لنا قَالَ النَّار مثواكم خَالِدين﴾ لقوم يذكرُونَ).
﴿لَهُم دَار السَّلَام عِنْد رَبهم﴾ السَّلَام: هُوَ الله - تَعَالَى - وَدَار السَّلَام الْجنَّة، قَالَ الزّجاج: أَرَادَ بِالسَّلَامِ: السَّلامَة، أَي: لَهُم دَار السَّلامَة من الْآفَات.
﴿وَهُوَ وليهم بِمَا كَانُوا يعْملُونَ﴾.
قَوْله - تَعَالَى -: (وَيَوْم نحشرهم جَمِيعًا) أما حشر الْجِنّ وَالْإِنْس: حق يجب الْإِيمَان بِهِ ﴿يَا معشر الْجِنّ قد استكثرتم من الْإِنْس﴾ يَعْنِي: استكثرتم من الْإِنْس بالإغواء والإضلال ﴿وَقَالَ أولياؤهم من الْإِنْس﴾ يَعْنِي: الْكفَّار وأولياء الشَّيَاطِين يَقُولُونَ يَوْم الْقِيَامَة: ﴿رَبنَا استمتع بَعْضنَا بِبَعْض﴾ يَعْنِي: استمتع الْجِنّ بالإنس، وَالْإِنْس بالجن، قيل: استمتاع الْجِنّ بالإنس: تزيينهم لَهُم، وتسهيلهم طَرِيق الغواية عَلَيْهِم.
وَأما [استمتاع] الْإِنْس بالجن: طاعتهم، وَالْجُمْلَة أَن استمتاع الْجِنّ: بِالْأَمر واستمتاع الْإِنْس: بِالْقبُولِ، وَقيل: مَعْنَاهُ: أَن الرجل من الْعَرَب كَانَ إِذا نزل بواد يَقُول: أعوذ بِسَيِّد هَذَا الْوَادي من سُفَهَاء قومه، ثمَّ يبيت آمنا من تخبيل الْجِنّ، وَهَذَا استمتاع الْإِنْس بالجن، وَأما استمتاع الْجِنّ بالإنس: أَن ذَلِك الجني الَّذِي تعوذ بِهِ الْإِنْسِي يَقُول لِقَوْمِهِ: إِن الْإِنْس يتعوذون بِنَا؛ (فَنحْن سَادَات الْجِنّ وَالْإِنْس)، وَهَذَا مُبين فِي قَوْله - تَعَالَى - فِي سُورَة الْجِنّ ﴿وَأَنه كَانَ رجال من الْإِنْس يعوذون بِرِجَال من الْجِنّ فزادوهم رهقا﴾ أَي: نخوة وتكبرا.
﴿وبلغنا أجلنا الَّذِي أجلت لنا﴾ يَعْنِي: أجل الْقِيَامَة.
﴿قَالَ النَّار مثواكم﴾ يَعْنِي: يَقُول الله: النَّار مثواكم {خَالِدين فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ