﴿بِهَذَا فَمن أظلم مِمَّن افترى على الله كذبا ليضل النَّاس بِغَيْر علم إِن الله لَا يهدي الْقَوْم الظَّالِمين (١٤٤) قل لَا أجد فِي مَا أُوحِي إِلَيّ محرما على طاعم يطعمهُ إِلَّا أَن يكون ميتَة أَو دَمًا مسفوحا أَو لحم خِنْزِير فَإِنَّهُ رِجْس أَو فسقا أهل لغير الله بِهِ فَمن اضْطر غير بَاغ﴾
﴿أم كُنْتُم شُهَدَاء إِذْ وَصَّاكُم الله بِهَذَا﴾ فَمَعْنَاه: أَنكُمْ قُلْتُمْ ذَلِك عَن علم لكم؟ فَأَخْبرُونِي بِهِ ﴿أم نزل [عَلَيْكُم] بِهِ وَحي؟ أم أَمركُم الله بِهِ عيَانًا؟
{فَمن اظلم مِمَّن افترى على الله كذبا ليضل النَّاس بِغَيْر علم﴾ فَبين الله يَعْنِي: أَنهم كاذبون بِهِ ﴿إِن الله لَا يهدي الْقَوْم الظَّالِمين﴾.
وَفِي الْخَبَر: " أَن عَوْف بن مَالك الْأَشْجَعِيّ جَاءَ، وَقَالَ: يَا مُحَمَّد، أبحت مَا حرمنا} وَحرمت مَا أبحنا - يَعْنِي: الْميتَة - فَقَرَأَ عَلَيْهِ هَذِه الْآيَات؛ فَعرف الْحجَّة، وَسكت عَنهُ ".
قَوْله تَعَالَى: ﴿قل لَا أجد فِي مَا أُوحِي إِلَيّ محرما﴾ سَبَب هَذَا أَنهم قَالُوا: فَمَا الْمحرم إِذا؟ فَنزل قَوْله: قل يَا مُحَمَّد: لَا أجد فِيمَا أُوحِي إِلَيّ محرما ﴿على طاعم يطعمهُ إِلَّا أَن يكون ميتَة أَو دَمًا مسفوحا أَو لحم خِنْزِير﴾.
وَاخْتلف الْعلمَاء فِي هَذَا؛ فَذَهَبت عَائِشَة، وَابْن عَبَّاس إِلَى أَن التَّحْرِيم مَقْصُور على هَذِه الْأَشْيَاء، وَبِه قَالَ مَالك، وَقَالُوا: قَوْله: ﴿إِلَّا ان يكون ميتَة﴾ دخل فِيهِ المنخنقة والموقوذة، وَمَا عد فِي سُورَة الْمَائِدَة، وَمَالك يعد مَا سواهَا مَكْرُوها وَلَا يعده حَرَامًا، وَجُمْهُور الْعلمَاء على أَن التَّحْرِيم [يعدو] هَذِه الْأَشْيَاء؛ إِلَّا أَن الْبَعْض ثَبت بِالْكتاب، وَالْبَعْض بِالسنةِ، وَالْكل حرَام. وَقد ثَبت: " أَنه نهى عَن كل ذِي نَاب من السبَاع و [عَن] كل ذِي مخلب من الطير " ﴿فَإِنَّهُ رِجْس﴾ أَي: نَتن ﴿أَو فسقا أهل لغير الله بِهِ﴾ وَهُوَ الْمَذْبُوح على اسْم الصَّنَم، سمى ذَلِك فسقا؛