﴿وَلَا عَاد فَإِن رَبك غَفُور رَحِيم (١٤٥) وعَلى الَّذين هادوا حرمنا كل ذِي ظفر وَمن الْبَقر وَالْغنم حرمنا عَلَيْهِم شحومهما إِلَّا مَا حملت ظهورهما أَو الحوايا أَو مَا اخْتَلَط بِعظم ذَلِك جزيناهم ببغيهم وَإِنَّا لصادقون (١٤٦) فَإِن كَذبُوك فَقل ربكُم ذُو رَحْمَة وَاسِعَة وَلَا﴾ لِلْخُرُوجِ عَن أَمر الله - تَعَالَى -.
﴿فَمن اضْطر غير بَاغ وَلَا عَاد فَإِن رَبك غَفُور رَحِيم﴾ وَقد ذكرنَا هَذَا.
قَوْله - تَعَالَى -: ﴿وعَلى الَّذين هادوا حرمنا كل ذِي ظفر﴾ يَعْنِي: حرمنا على الْيَهُود كل ذِي ظفر، قيل: هُوَ الْبَعِير والنعامة، وَيدخل فِيهِ الأوز والبط.
﴿وَمن الْبَقر وَالْغنم حرمنا عَلَيْهِم شحومهما إِلَّا مَا حملت ظهورهما﴾ أما تَحْرِيم الشحوم عَلَيْهِم: كَانَ ذَلِك عَن الثروب وشحم الكليتين، وَقد قَالَ " لعن الله الْيَهُود حرم عَلَيْهِم الشحوم فجملوها وباعوها وأكلوا ثمنهَا ".
وَقَوله: ﴿إِلَّا مَا حملت ظهورهما﴾ أَي: شَحم مَا حملت ظهورهما لم يحرم عَلَيْهِم ﴿أَو الحوايا﴾ تَقْدِيره: والحوايا، أَي: شَحم المباعر ﴿أَو مَا اخْتَلَط بِعظم﴾ أَي: وشحم مَا اخْتَلَط بِعظم، قيل: هُوَ الإلية، وَقيل: هُوَ شَحم الْجنب، ثمَّ اخْتلفُوا، أَن الْكل هَل يدْخل فِي الِاسْتِثْنَاء؟ قَالَ بَعضهم: إِنَّمَا يدْخل فِي الِاسْتِثْنَاء شَحم الظُّهُور فَحسب، فَأَما قَوْله: ﴿أَو الحوايا أَو مَا اخْتَلَط بِعظم﴾ رَاجع إِلَى التَّحْرِيم، وَالصَّحِيح: أَن الْكل يدْخل فِي الِاسْتِثْنَاء، وَهُوَ ظَاهر الْآيَة. ﴿ذَلِك جزيناهم ببغيهم﴾ أَي: [بظلمهم] ﴿وَإِنَّا لصادقون﴾.
قَوْله - تَعَالَى -: ﴿فَإِن كَذبُوك فَقل ربكُم ذُو رَحْمَة وَاسِعَة﴾ فَإِن قيل: مَا معنى هَذَا، وَإِنَّمَا يَلِيق بتكذيبهم وَعِيد الْعَذَاب لَا وعد الرَّحْمَة؟ قَالَ ثَعْلَب: هُوَ الرَّحْمَة