﴿للْمُؤْمِنين (٢) اتبعُوا مَا أنزل إِلَيْكُم من ربكُم وَلَا تتبعوا من دونه أَوْلِيَاء قَلِيلا مَا﴾ لما بعث إِلَى الْكفَّار، قَالَ: " يَا رب إِنِّي أَخَاف أَن يثلغوا رَأْسِي، ويجعلوه كالخبزة؛ فَقَالَ الله تَعَالَى: لَا يكن فِي صدرك ضيق من الإبلاغ؛ فَإِنِّي حافظك وناصرك ".
قَوْله: ﴿لتنذر بِهِ وذكرى للْمُؤْمِنين﴾ فِيهِ تَقْدِيم وَتَأْخِير، وَتَقْدِير الْآيَة: كتاب أنزل إِلَيْك؛ لتنذر بِهِ، وذكرى للْمُؤْمِنين فَلَا يكن فِي صدرك حرج مِنْهُ.
قَوْله تَعَالَى: ﴿اتبعُوا مَا أنزل إِلَيْكُم من ربكُم﴾ يَعْنِي: الْقُرْآن، وَقيل: الْقُرْآن وَالسّنة لأمر الله تَعَالَى لِأَن الله تَعَالَى يَقُول: ﴿وَمَا أَتَاكُم الرَّسُول فَخُذُوهُ﴾ فَالسنة وَإِن لم تكن (منزلَة)، فَهِيَ كالمنزلة بِحكم تِلْكَ الْآيَة، قَالَ الْحسن فِي هَذِه الْآيَة: يَا ابْن آدم، أمرت بِاتِّبَاع الْقُرْآن، فَمَا من آيَة إِلَّا وَعَلَيْك أَن تعلم فِيمَا نزلت، وماذا أُرِيد بهَا، حَتَّى تتبعه، وتعمل بِهِ.
﴿وَلَا تتبعوا من دونه أَوْلِيَاء﴾ يَعْنِي: من عاند الْحق، وَخَالفهُ، فَلَا تَتبعُوهُ، وَإِنَّمَا قَالَ: ﴿من دونه أَوْلِيَاء﴾ لِأَن من اتخذ مذهبا، فَكل من سلك طَرِيقه وَاتبعهُ كَانَ من أوليائه، فَهَذَا معنى قَوْله: ﴿وَلَا تتبعوا من دونه أَوْلِيَاء﴾ وَقَالَ مَالك بن دِينَار: وَلَا تَبْتَغُوا، يَعْنِي: الطّلب، وَالْمعْنَى: وَلَا تَبْتَغُوا من دونه أَوْلِيَاء. ﴿قَلِيلا مَا تذكرُونَ﴾، وَقَرَأَ ابْن عَامر: " يتذكرون " وَالْمرَاد بهما وَاحِد، أَي: قَلِيلا مَا تتعظون.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَكم من قَرْيَة أهلكناها﴾ " كم " للتكثير، و " رب " للتقليل.
قَالَ الشَّاعِر:



الصفحة التالية
الموسوعة القرآنية Quranpedia.net - © 2024
Icon
(كم عمَّة لَك يَا جرير وَخَالَة فدعاء قد حلبت على عشارى)