﴿بِالْحَقِّ ونودوا أَن تلكم الْجنَّة أورثتموها بِمَا كُنْتُم تعلمُونَ (٤٣) ونادى أَصْحَاب الْجنَّة أَصْحَاب النَّار أَن قد وجدنَا مَا وعدنا رَبنَا حَقًا فَهَل جدتم مَا وعد ربكُم حَقًا قَالُوا نعم فَأذن مُؤذن بَينهم أَن لعنة الله على الظَّالِمين (٤٤) الَّذين يصدون عَن سَبِيل الله﴾
قَوْله - تَعَالَى -: ﴿ونادى أَصْحَاب الْجنَّة أَصْحَاب النَّار أَن قد وجدنَا مَا وعدنا رَبنَا حَقًا فَهَل وجدْتُم مَا وعد ربكُم حَقًا﴾ وَهَذَا قبل التطبيق على جَهَنَّم ﴿قَالُوا نعم﴾ وَقد بَينا أَن جَوَاب الِاسْتِفْهَام الَّذِي فِيهِ جحد: " بلَى "، وَجَوَاب الِاسْتِفْهَام الَّذِي لَيْسَ فِيهِ تجحد: " نعم " ﴿فَأذن مُؤذن بَينهم أَن لعنة الله على الظَّالِمين﴾.
﴿الَّذين يصدون عَن سَبِيل الله﴾ أَي: يعرضون عَن الدّين ﴿ويبغونها عوجا﴾ أَي: يطْلبُونَ الدّين بالزيغ، والعوج بِمَعْنى الزيغ هَا هُنَا ( ﴿وهم بِالآخِرَة كافرون﴾
وَبَينهمَا حجاب) وَهُوَ حجاب بَين الْجنَّة وَالنَّار. ﴿وعَلى الْأَعْرَاف رجال﴾ قيل: الْأَعْرَاف: سور بَين الْجنَّة وَالنَّار، وَذَلِكَ قَوْله: ﴿فَضرب بَينهم بسور﴾ وَقيل: هُوَ مَكَان مُرْتَفع، وَالْأول أصح، وَعَلِيهِ الْأَكْثَرُونَ.
وَأما الرِّجَال الَّذين على الْأَعْرَاف، اخْتلفُوا فيهم، قَالَ ابْن مَسْعُود، وَحُذَيْفَة، وَعَطَاء: هم قوم اسْتَوَت حسناتهم وسيئاتهم، وَقَالَ أَبُو مجلز لَاحق بن حميد، هم قوم من الْمَلَائِكَة فِي صُورَة رجال من الْإِنْس، وَحكى مقَاتل بن سُلَيْمَان فِي تَفْسِيره عَن النَّبِي أَنه قَالَ: " هم قوم غزوا بِغَيْر إِذن آبَائِهِم، فاستشهدوا، فبقوا على الْأَعْرَاف تمنع شَهَادَتهم دُخُولهمْ النَّار، وَيمْنَع عصيانهم الْآبَاء دُخُولهمْ الْجنَّة ".


الصفحة التالية
Icon