﴿وَالشَّمْس وَالْقَمَر والنجوم مسخرات بأَمْره أَلا لَهُ الْخلق وَالْأَمر تبَارك الله رب الْعَالمين (٥٤) ادعوا ربكُم تضرعا وخفية إِنَّه لَا يحب الْمُعْتَدِينَ (٥٥) وَلَا تفسدوا فِي الأَرْض بعد إصلاحها وادعوه خوفًا وَطَمَعًا إِن رحمت الله قريب من الْمُحْسِنِينَ (٥٦) وَهُوَ﴾ يعقب أَحدهمَا الآخر، ويخلفه على أَثَره فَكَأَنَّهُ فِي طلبه.
﴿وَالشَّمْس وَالْقَمَر والنجوم مسخرات بأَمْره﴾ أَي: مذللات بِمَا أُرِيد مِنْهَا ﴿أَلا لَهُ الْخلق وَالْأَمر تبَارك الله رب الْعَالمين﴾ أَي: تَعَالَى بالوحدانية.
قَوْله - تَعَالَى -: ﴿ادعوا ربكُم تضرعا وخفية﴾ أَي: ضارعين متذللين خاشعين، وخفية أَي: سرا ﴿إِنَّه لَا يحب الْمُعْتَدِينَ﴾ قَالَ ابْن جريج: الْجَهْر بِالدُّعَاءِ عدوان، وَفِي الْخَبَر عَن النَّبِي أَنه قَالَ: " سَيكون أَقوام يعتدون فِي الطّهُور وَالدُّعَاء " وروى: " أَنه رأى أَقْوَامًا يصيحون بِالدُّعَاءِ، فَقَالَ لَهُم: أربعوا على أَنفسكُم، فَإِنَّكُم لَا تدعون [أصما] وَلَا غَائِبا، وَإِنَّمَا تدعون سميعا قَرِيبا، وَهُوَ مَعكُمْ " بِالْعلمِ وَالْقُدْرَة وَقيل: من الاعتداء فِي الدُّعَاء: أَن يسْأَل لنَفسِهِ دَرَجَة لَيْسَ من أَهلهَا؛ بِأَن يسْأَل دَرَجَة الْأَنْبِيَاء، وَلَيْسَ بِنَبِي، ودرجة الشُّهَدَاء، وَلَيْسَ بِشَهِيد.
قَوْله - تَعَالَى -: ﴿وَلَا تفسدوا فِي الأَرْض بعد إصلاحها﴾ أَي: بعد إصْلَاح الأَرْض بِالدّينِ والشريعة، وَقَالَ الضَّحَّاك: من الْفساد فِي الأَرْض تغوير الْمِيَاه، وَقطع الْأَشْجَار المثمرة، وَكسر الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير.
﴿وادعوه خوفًا وَطَمَعًا﴾ أَي: خوفًا من الله وَطَمَعًا لثوابه {إِن رَحْمَة الله قريب


الصفحة التالية
Icon