﴿فَأَخَذتهم الرجفة فَأَصْبحُوا فِي دَارهم جاثمين (٧٨) فَتَوَلّى عَنْهُم وَقَالَ يَا قوم لقد أبلغتكم رِسَالَة رَبِّي وَنَصَحْت لكم وَلَكِن لَا تحبون الناصحين (٧٩) ولوطا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ﴾
قَوْله - تَعَالَى -: ﴿فَتَوَلّى عَنْهُم وَقَالَ يَا قوم لقد أبلغتكم رِسَالَة رَبِّي وَنَصَحْت لكم وَلَكِن لَا تحبون الناصحين﴾ فَإِن قَالَ قَائِل: كَيفَ خاطبهم وَقد هَلَكُوا؟ قيل: هُوَ كَمَا خَاطب الرَّسُول الْكفَّار الْقَتْلَى يَوْم بدر حِين ألقاهم فِي القليب؛ جَاءَ إِلَى رَأس الْبِئْر، وَقَالَ: " يَا عتبَة، يَا شيبَة، وَيَا أَبَا جهل، قد وجدت مَا وَعَدَني رَبِّي حَقًا؛ فَهَل وجدْتُم مَا وعد ربكُم حَقًا؟ فَقَالَ عمر: يَا رَسُول الله، كَيفَ تخاطب قوما قد جيفوا؟ فَقَالَ: مَا أَنْتُم بأسمع مِنْهُم؛ وَلَكنهُمْ لَا يقدرُونَ على الْإِجَابَة " وَقيل: إِنَّمَا خاطبهم بِهِ؛ ليَكُون عِبْرَة لمن خَلفهم، وَقيل: فِي الْآيَة تَقْدِيم وَتَأْخِير، وتقديرها: فَتَوَلّى عَنْهُم، فَأَخَذتهم الرجفة، فَأَصْبحُوا فِي دَارهم جاثمين، وَذَلِكَ أَن الله - تَعَالَى - مَا كَانَ ليعذب قوما ونبيهم بَينهم.
وروى أَبُو الزبير عَن جَابر: " أَن النَّبِي مر بمنازل ثَمُود فِي أَرَاضِي تَبُوك، فَقَالَ لأَصْحَابه: يَا أَيهَا النَّاس، لَا تسألوا الله الْآيَات؛ فَإِن هَؤُلَاءِ سَأَلُوا النَّاقة؛ فأخرجها الله لَهُم؛ فَكَانَت ترد من هَذَا الْفَج، وتصدر من هَذَا الْفَج، فَعَقَرُوهَا؛ فَأنْزل الله عَلَيْهِم الْعَذَاب فَلم ينج مِنْهُم أحد إِلَّا رجل كَانَ فِي الْحرم؛ فَلَمَّا خرج أَصَابَهُ مَا أَصَابَهُم من الْعَذَاب وَكَانَ ذَلِك الرجل يكنى أَبَا رِغَال ".
قَوْله - تَعَالَى -: ﴿ولوطا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ﴾ أَي: وَأَرْسَلْنَا لوطا، وَاذْكُر لوطا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ ﴿أتأتون الْفَاحِشَة﴾ الْفَاحِشَة: الفعلة القبيحة الَّتِي هِيَ فِي غَايَة الْقبْح ﴿مَا سبقكم بهَا من أحد من الْعَالمين﴾ قَالَ الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس: إِن تِلْكَ الفعلة لم


الصفحة التالية
Icon