﴿أتأتون الْفَاحِشَة مَا سبقكم بهَا من أحد من الْعَالمين (٨٠) إِنَّكُم لتأتون الرِّجَال شَهْوَة من دون النِّسَاء بل أَنْتُم قوم مسرفون (٨١) وَمَا كَانَ جَوَاب قومه إِلَّا أَن قَالُوا أخرجوهم من قريتكم إِنَّهُم أنَاس يتطهرون (٨٢) فأنجيناه وَأَهله إِلَّا امْرَأَته كَانَت من الغابرين (٨٣) وأمطرنا عَلَيْهِم مَطَرا فَانْظُر كَيفَ كَانَ عَاقِبَة الْمُجْرمين (٨٤) وَإِلَى﴾ يَفْعَلهَا أحد قبلهم
﴿إِنَّكُم لتأتون الرِّجَال شَهْوَة من دون النِّسَاء﴾ فسر تِلْكَ الْفَاحِشَة ﴿بل أَنْتُم قوم مسرفون﴾ أَي: مجاوزون حد الْأَمر.
قَوْله - تَعَالَى -: ﴿وَمَا كَانَ جَوَاب قومه إِلَّا أَن قَالُوا أخرجوهم من قريتكم إِنَّهُم أنَاس يتطهرون﴾ مَعْنَاهُ: يتنزهون عَن أدبار الرِّجَال، قَالَ قَتَادَة: ذموهم من غير ذمّ، وعابوهم من غير عيب.
قَوْله - تَعَالَى -: ﴿فأنجيناه وَأَهله إِلَّا امْرَأَته كَانَت من الغابرين﴾ أَي: من البَاقِينَ فِي الْعَذَاب؛ يُقَال: غبر إِذا بقى. وأنشدوا:

(وَلست يَا معد فِي الرِّجَال أسائل هَذَا وَذَا مَا الْخَبَر)
(وَلَكِنِّي مدده الْأَصْفَر بن قيس بِمَا قد مضى وَمَا غبر)
وَقيل مَعْنَاهُ: من الغابرين عَن النجَاة.
قَوْله - تَعَالَى -: ﴿وأمطرنا عَلَيْهِم مَطَرا﴾ فِي الْقِصَّة: أَن الله - تَعَالَى - أرسل جِبْرِيل - صلوَات الله عَلَيْهِ - حَتَّى قلع مدينتهم، وَقيل: كَانَت مَدَائِن قلعهَا ورفعها إِلَى السَّمَاء ثمَّ قَلبهَا؛ وَبِذَلِك سموا مؤتفكة؛ لأَنهم قلبوا وأفكوا، وَأما الإمطار بِالْحِجَارَةِ، كَانَ على من شَذَّ مِنْهُم فِي الطّرق، وَقيل: بَعْدَمَا قلبهم أمط عَلَيْهِم بِالْحِجَارَةِ ﴿فَانْظُر كَيفَ كَانَ عَاقِبَة الْمُجْرمين﴾.
قَوْله - تَعَالَى -: ﴿وَإِلَى مَدين﴾ أَي: وَأَرْسَلْنَا إِلَى مَدين، قيل: هُوَ مَدين بن إِبْرَاهِيم الْخَلِيل - صلوَات الله عَلَيْهِ - وَكَانَ أُولَئِكَ من نَسْله، وَقيل: لَيْسَ بِذَاكَ، وَإِنَّمَا هُوَ اسْم قَبيلَة.


الصفحة التالية
Icon