﴿مَدين أَخَاهُم شعيبا قَالَ يَا قوم اعبدوا الله من لكم من إِلَه غَيره قد جاءتكم بَيِّنَة من ربكُم فأوفوا الْكَيْل وَالْمِيزَان وَلَا تبخسوا النَّاس أشياءهم وَلَا تفسدوا فِي الأَرْض بعد إصلاحها ذَلِكُم خير لكم إِن كُنْتُم مُؤمنين (٨٥) وَلَا تقعدوا بِكُل صِرَاط توعدون وتصدون عَن سَبِيل الله من آمن بِهِ وتبغونها عوجا واذْكُرُوا إِذْ كُنْتُم قَلِيلا فكثركم﴾
وَقَوله: ﴿أَخَاهُم شعيبا﴾ أَي: فِي النّسَب لَا فِي الدّين ﴿قَالَ يَا قوم اعبدوا الله مَا لكم من إِلَه غَيره قد جاءتكم بَيِّنَة من ربكُم﴾ فَإِن قَالَ قَائِل: مَا معنى قَوْله ﴿قد جاءتكم بَيِّنَة من ربكُم﴾ وَلم تكن لَهُم آيَة؟ قيل: بل كَانَت لَهُم آيَة، إِلَّا أَنَّهَا لم تذكر فِي الْقُرْآن، وَلَيْسَت كل الْآيَات مَذْكُورَة فِي الْقُرْآن ﴿فأوفوا الْكَيْل وَالْمِيزَان﴾ وَكَانُوا يعْبدُونَ الْأَصْنَام، ويبخسون فِي الموازين ﴿وَلَا تبخسوا النَّاس أشياءهم﴾ أَي: لَا تنقصوهم من حُقُوقهم.
﴿وَلَا تفسدوا فِي الأَرْض بعد إصلاحها﴾ يَعْنِي: إصلاحها ببعث الرَّسُول وَالْأَمر بِالْعَدْلِ ﴿ذَلِكُم خير لكم إِن كُنْتُم مُؤمنين﴾ يَعْنِي: إِن آمنتم فَذَلِك خير لكم، وَقيل: مَعْنَاهُ: مَا كُنْتُم مُؤمنين.
قَوْله - تَعَالَى -: ﴿وَلَا تقعدوا بِكُل صِرَاط توعدون﴾ أَي: طَرِيق، قَالَ الشَّاعِر:

(حشونا قَومهمْ بِالْخَيْلِ حَتَّى جعلناهم أذلّ من الصِّرَاط)
يَعْنِي: من الطَّرِيق.
﴿توعدون وتصدون عَن سَبِيل الله﴾ قيل: إِنَّهُم كَانُوا يبعثون إِلَى الطّرق من يهدد النَّاس، فَكَانَ الرجل إِذا أَرَادَ الْإِيمَان بشعيب وقصده يهددونه وَيَقُولُونَ: إِن آمَنت بشعيب نقتلك؛ فَهَذَا معنى قَوْله: ﴿توعدون﴾ أَي: تهددون. والإيعاد: التهديد، وَأما الْوَعْد فيذكر فِي الْخَيْر وَالشَّر؛ إِذا ذكر الْخَيْر وَالشَّر مَقْرُونا بِهِ، فَأَما إِذا أطلق فَلَا يذكر إِلَّا فِي الْخَيْر، أما فِي الشَّرّ عِنْد الْإِطْلَاق، يُقَال: أوعد.
﴿وتصدون عَن سَبِيل الله من آمن﴾ أَي: تمْنَعُونَ عَن الدّين من قصد الْإِيمَان ﴿وتبغونها عوجا﴾ أَي: تطلبون الاعوجاج فِي الدّين، والعدول عَن الْقَصْد؛ قَالَه الزّجاج؛ وَذكر الْأَزْهَرِي فِي التَّقْرِيب: أَنه يُقَال: فِي الدّين عوج، وَفِي الْعود عوج.


الصفحة التالية
Icon