﴿على الله توكلنا رَبنَا افْتَحْ بَيْننَا وَبَين قَومنَا بِالْحَقِّ وَأَنت خير الفاتحين (٨٩) وَقَالَ الْمَلأ الَّذين كفرُوا من قومه لَئِن اتبعتم شعيبا إِنَّكُم إِذا لخاسرون (٩٠) فَأَخَذتهم الرجفة فَأَصْبحُوا فِي دَارهم جاثمين (٩١) الَّذين كذبُوا شعيبا كَأَن لم يغنوا فِيهَا الَّذين كذبُوا شعيبا كَانُوا هم الخاسرين (٩٢) فَتَوَلّى عَنْهُم وَقَالَ يَا قوم لقد أبلغتكم رسالات رَبِّي وَنَصَحْت لكم فَكيف آسى على قوم كَافِرين (٩٣) وَمَا أرسلنَا فِي قَرْيَة من نَبِي إِلَّا﴾ الْقَضَاء من الله بِالْحَقِّ، وَهُوَ لَا يقْضِي إِلَّا بِالْحَقِّ، وَقيل: لَيْسَ ذَلِك على طَرِيق طلب الْقَضَاء الْحق، وَإِنَّمَا هُوَ على نعت قَضَائِهِ بِالْحَقِّ؛ فَإِن صفة قَضَائِهِ الْحق، وَهُوَ مثل قَوْله - تَعَالَى -: ﴿قَالَ رب احكم بِالْحَقِّ﴾ فِي سُورَة الْأَنْبِيَاء ﴿وَأَنت خير الفاتحين﴾.
قَوْله - تَعَالَى -: ﴿وَقَالَ الْمَلأ الَّذين كفرُوا من قومه لَئِن اتبعتم شعيبا﴾ يَعْنِي: فِي دينهم {إِنَّكُم إِذا لخاسرون
فَأَخَذتهم الرجفة فَأَصْبحُوا فِي دَارهم جاثمين) وَقد بَينا هَذَا فِي قصَّة ثَمُود.
قَوْله - تَعَالَى -: ﴿الَّذين كذبُوا شعيبا كَأَن لم يغنوا فِيهَا﴾ أَي: كَأَن لم يقيموا فِيهَا، يُقَال: غنيت بِموضع كَذَا، أَي أَقمت، والمغاني: الْمنَازل؛ قَالَه ثَعْلَب، وَقَالَ الشَّاعِر، وَهُوَ حَاتِم الطَّائِي:

(عنينا زَمَانا بالتصعلك والغنى وكلا سقاناه بكأسيهما الدَّهْر)
(فَمَا زادنا بأوا على ذِي قرَابَة غنانا وَلَا أزرى بأحسابنا الْفقر)
وَقَالَ الْأَخْفَش: معنى قَوْله: ﴿كَأَن لم يغنوا فِيهَا﴾ أَي: كَأَن لم يتنعموا فِيهَا {الَّذين كذبُوا شعيبا كَانُوا هم الخاسرين
فَتَوَلّى عَنْهُم وَقَالَ يَا قوم لقد أبلغتكم رسالات رَبِّي وَنَصَحْت لكم فَكيف آسى) أَي: أَحْزَن ﴿على قوم كَافِرين﴾.
قَوْله - تَعَالَى -: ﴿وَمَا أرسلنَا فِي قَرْيَة من نَبِي إِلَّا أَخذنَا أَهلهَا بالبأساء وَالضَّرَّاء﴾.
قَالَ ابْن مَسْعُود: البأساء: الْفقر، وَالضَّرَّاء: الْمَرَض، وَهَذَا معنى قَول من قَالَ:


الصفحة التالية
Icon