﴿تلقي وَإِمَّا أَن نَكُون نَحن الملقين (١١٥) قَالَ ألقوا فَلَمَّا ألقوا سحروا أعين النَّاس واسترهبوهم وَجَاءُوا بِسحر عَظِيم (١١٦) وأوحينا إِلَى مُوسَى أَن ألق عصاك فَإِذا هِيَ تلقف مَا يأفكون (١١٧) فَوَقع الْحق وَبَطل مَا كَانُوا يعْملُونَ (١١٨) فغلبوا هُنَالك﴾
قَوْله - تَعَالَى -: ﴿قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَن تلقى﴾ يَعْنِي: الْعَصَا ﴿وَإِمَّا أَن نَكُون نَحن الملقين﴾ يَعْنِي: عصينا
﴿قَالَ ألقوا فَلَمَّا ألقوا سحروا أعين النَّاس﴾ أَي: صرفُوا أعين النَّاس عَن إِدْرَاك حَقِيقَتهَا؛ فعلوا من التمويه والتخييل، وَهَذَا هُوَ السحر.
﴿واسترهبوهم﴾ أَي: السَّحَرَة طلبُوا رهبة النَّاس؛ فرهبوهم، وَقَالَ الْمبرد: السِّين فِيهِ زَائِدَة، وَمَعْنَاهُ: أرهبوهم ﴿وَجَاءُوا بِسحر عَظِيم﴾.
قَوْله - تَعَالَى -: ﴿وأوحينا إِلَى مُوسَى أَن ألق عصاك فَإِذا هِيَ تلقف مَا يأفكون﴾ وَيقْرَأ: " تلقف مَا يأفكون " مخففا، وَيقْرَأ فِي الشواذ " تلقم " وَقَرَأَ سعيد بن جُبَير: " تلقم " مخففا، وَمعنى الْكل وَاحِد. والتلقف: الْأَخْذ بِسُرْعَة، وَمَعْنَاهُ: تتلقم مَا يأفكون أَي: مَا يكذبُون من التخاييل الكاذبة، وَفِي الْقَصَص: أَن السَّحَرَة كَانُوا سبعين ألف، مَعَ كل وَاحِد مِنْهُم عَصا، فَألْقوا عصيهم؛ فَإِذا هِيَ تتحرك كالحيات، ثمَّ ألْقى مُوسَى عَصَاهُ؛ فَصَارَت ثعبانا، وتلقف كل ذَلِك، وَقصد النَّاس الَّذين حَضَرُوا؛ فَوَقع الزحام عَلَيْهِم؛ فَهَلَك خَمْسَة وَعِشْرُونَ ألفا فِي الزحام، ثمَّ أَخذه مُوسَى؛ فَصَارَت عَصا كَمَا كَانَت؛ فَذَلِك قَوْله ﴿فَإِذا هِيَ تلقف مَا يأفكون﴾ قَالَ الشَّاعِر:

(أَنْت عَصا مُوسَى الَّتِي لم تزل تلقف مَا يأفكه السَّاحر)
وَقَالَ آخر:
قَوْله - تَعَالَى -: ﴿فَوَقع الْحق وَبَطل مَا كَانُوا يعْملُونَ﴾ قَالَ الْحسن، وَمُجاهد: مَعْنَاهُ: ظهر الْحق أَي: ظهر عَصا مُوسَى على عصيهم، وَقيل مَعْنَاهُ: ظَهرت نبوة مُوسَى على دَعْوَى فِرْعَوْن الربوبية
﴿فغلبوا هُنَالك وانقلبوا صاغرين﴾ أَي: ذليلين.


الصفحة التالية
الموسوعة القرآنية Quranpedia.net - © 2024
Icon
(إِذا جَاءَ مُوسَى وَألقى الْعَصَا فقد بَطل السحر والساحر)