﴿سنقتل أَبْنَاءَهُم ونستحيي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقهم قاهرون (١٢٧) قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّه واصبروا إِن الأَرْض لله يُورثهَا من يَشَاء من عباده وَالْعَاقبَة لِلْمُتقين (١٢٨) قَالُوا أوذينا من قبل أَن تَأْتِينَا وَمن بعد مَا جئتنا قَالَ عَسى ربكُم أَن يهْلك عَدوكُمْ ويستخلفكم﴾ الشَّمْس، وَكَانَ فِرْعَوْن يعبد الشَّمْس، قَالَ الشَّاعِر:

(تروحنا من اللعباء عصرا فأعجلنا الإلاهة أَن تؤوبا)
أَي: أعجلنا الشَّمْس أَن ترجع، وَالْمَعْرُوف ﴿ويذرك وآلهتك﴾.
قَالَ سُلَيْمَان التَّيْمِيّ: وَكَانَ فِرْعَوْن يعبد الْبَقر، وَقَالَ السّديّ: كَانَ قد اتخذ أصناما، وَقَالَ لِقَوْمِهِ: هَذِه آلِهَتكُم، وَأَنا إِلَه الْآلهَة، وَقَالَ الْحسن: كَانَ قد علق على عُنُقه صليبا - وَكَانَ يعبده - فَلذَلِك قَالُوا: " ويذرك وآلهتك " وَهَذَا كَانَ إغراء مِنْهُم لفرعون على مُوسَى ﴿قَالَ سنقتل أَبْنَاءَهُم ونستحيي نِسَاءَهُمْ﴾ وَكَانَ من قبل يفعل ذَلِك ثمَّ تَركه، ثمَّ عَاد إِلَيْهِ ثَانِيًا فَقَالَ: ﴿سنقتل أَبْنَاءَهُم ونستحيي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقهم قاهرون﴾.
قَوْله - تَعَالَى -: ﴿قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّه واصبروا إِن الأَرْض لله يُورثهَا﴾ وَفِي الشواذ: " يُورثهَا " ﴿من يَشَاء من عباده وَالْعَاقبَة لِلْمُتقين﴾ أَي: فِي النَّصْر وَالظفر.
قَوْله - تَعَالَى -: ﴿قَالُوا أوذينا من قبل أَن تَأْتِينَا وَمن بعد مَا جئتنا﴾ فِيهِ أَقْوَال:
قَالَ الْحسن: كَانَ الْإِيذَاء بِأخذ الْجِزْيَة؛ كَانَ فِرْعَوْن يَأْخُذ الْجِزْيَة مِنْهُم قبل مَجِيء مُوسَى وَبعده، وَقيل: هُوَ من قتل الْأَبْنَاء؛ كَانَ يقتل أَبْنَاءَهُم، ويستحيي نِسَاءَهُمْ قبل مَجِيء مُوسَى؛ ثمَّ عَاد إِلَيْهِ، وَذكر جُوَيْبِر فِي تَفْسِيره: أَن المُرَاد بِهِ أَن فِرْعَوْن كَانَ يسخرهم ويستعملهم إِلَى نصف النَّهَار، فَلَمَّا جَاءَ مُوسَى استسخرهم كل النَّهَار بِلَا أجر وَلَا شَيْء، وَذكر الْكَلْبِيّ: أَنهم كَانُوا يضْربُونَ لَهُ اللَّبن بتبن فِرْعَوْن قبل مَجِيء


الصفحة التالية
Icon