﴿فِي الأَرْض فَينْظر كَيفَ تَعْمَلُونَ (١٢٩) وَلَقَد أَخذنَا آل فِرْعَوْن بِالسِّنِينَ وَنقص من الثمرات لَعَلَّهُم يذكرُونَ (١٣٠) فَإِذا جَاءَتْهُم الْحَسَنَة قَالُوا لنا هَذِه وَإِن تصبهم سَيِّئَة يطيروا بمُوسَى وَمن مَعَه أَلا إِنَّمَا طائرهم عِنْد الله وَلَكِن أَكْثَرهم لَا يعلمُونَ (١٣١) وَقَالُوا مهما تأتنا بِهِ من آيَة لتسحرنا بهَا فَمَا نَحن لَك بمؤمنين (١٣٢) فَأَرْسَلنَا عَلَيْهِم﴾ مُوسَى، فَلَمَّا جَاءَ مُوسَى أجبرهم على أَن يضربوه بتبن من عِنْدهم.
﴿قَالَ عَسى ربكُم﴾ وَهِي كلمة التطميع ﴿أَن يهْلك عَدوكُمْ ويستخلفكم فِي الأَرْض فَينْظر كَيفَ تَعْمَلُونَ﴾ يَعْنِي: حَتَّى يجازيكم على مَا يرى وَاقعا مِنْكُم لَا على مَا علم فِي الْغَيْب مِنْكُم.
قَوْله - تَعَالَى -: ﴿وَلَقَد أَخذنَا آل فِرْعَوْن بِالسِّنِينَ﴾ أَي: بِالْقَحْطِ والجدب.
تَقول الْعَرَب جاءتنا سنة أَي: سنة جَدب، فَأَخذهُم الله - تَعَالَى - بِالسِّنِينَ ﴿وَنقص من الثمرات لَعَلَّهُم يذكرُونَ﴾ أَي: يتعظون، وَذَلِكَ: أَن الشدَّة ترقق الْقُلُوب وترغبها إِلَى الله - تَعَالَى -.
قَوْله - تَعَالَى -: ﴿فَإِذا جَاءَتْهُم الْحَسَنَة﴾ أَي: الخصب ﴿قَالُوا لنا هَذِه﴾ أَي: هَذَا كَانَ عَادَة الدَّهْر بِنَا ﴿وَإِن تصبهم سَيِّئَة﴾ أَي: جَدب ﴿يطيروا بمُوسَى وَمن مَعَه﴾ أَي: يَقُولُونَ: هَذَا من شُؤْم مُوسَى وَمن مَعَه ﴿أَلا إِنَّمَا طائرهم عِنْد الله﴾ أَي: الشؤم وَالْبركَة وَالْخَيْر وَالشَّر كُله من الله - تَعَالَى - وَقيل مَعْنَاهُ: الشؤم الْعَظِيم هُوَ الَّذِي لَهُم عِنْد الله - تَعَالَى - فِي الْآخِرَة، تَقول الْعَرَب: طَار لفُلَان سعد، وطار لفُلَان شُؤْم ﴿وَلَكِن أَكْثَرهم لَا يعلمُونَ﴾.
قَوْله - تَعَالَى -: ﴿وَقَالُوا مهما﴾ أَي: مَتى مَا {تأتنا بِهِ من آيَة لتسحرنا بهَا فَمَا نَحن لَك بمؤمنين
فَأَرْسَلنَا عَلَيْهِم الطوفان) قَالَ عَطاء: أَرَادَ بالطوفان: الْمَوْت الذريع، وَقيل: السَّيْل الْعَظِيم، وَفِي الْقِصَّة: أَنهم مُطِرُوا من السبت إِلَى السبت، حَتَّى بلغ المَاء تراقيهم، فَكَانَ الرجل إِذا أَرَادَ أَن يجلس غرق فِي المَاء؛ فاستغاثوا بمُوسَى وَقَالُوا: ادْع الله حَتَّى يمسك ونؤمن لَك؛ فَدَعَا الله - تَعَالَى - فَأمْسك عَنْهُم الْمَطَر، فأخرجت


الصفحة التالية
Icon