﴿صَبَرُوا ودمرنا مَا كَانَ يصنع فِرْعَوْن وَقَومه وَمَا كَانُوا يعرشون (١٣٧) وجاوزنا ببني إِسْرَائِيل الْبَحْر فَأتوا على قوم يعكفون على أصنام لَهُم قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَل لنا إِلَهًا كَمَا لَهُم آلِهَة قَالَ إِنَّكُم قوم تجهلون (١٣٨) إِن هَؤُلَاءِ متبر مَا هم فِيهِ وباطل مَا كَانُوا يعْملُونَ (١٣٩) قَالَ أغير الله أبغيكم إِلَهًا وَهُوَ فَضلكُمْ على الْعَالمين (١٤٠) وَإِذ أنجيناكم من آل﴾ الْوَعْد؛ قَالَ: تمت كلمة رَبك، أَي: تمّ وعده لَهُم، وَإِنَّمَا سَمَّاهَا: حسنى لِأَنَّهَا كَانَت على وفْق مَا يحبونَ ﴿ودمرنا مَا كَانَ يصنع فِرْعَوْن وَقَومه﴾ أَي: أهلكنا ذَلِك عَلَيْهِم ﴿وَمَا كَانُوا يعرشون﴾ (أَي يبنون ويسقفون تجبرا وتكبرا.
قَوْله - تَعَالَى -: ﴿وجاوزنا ببني إِسْرَائِيل الْبَحْر فَأتوا على قوم يعكفون على أصنام لَهُم﴾ أَي: يلازمون عبَادَة تِلْكَ الْأَصْنَام، وهم قوم من العمالقة رَآهُمْ بَنو إِسْرَائِيل عاكفين على أصنام لَهُم ﴿قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَل لنا إِلَهًا كَمَا لَهُم آلِهَة﴾ وَلم يكن ذَلِك من بني إِسْرَائِيل شكا فِي وحدانية الله - تَعَالَى - وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ: اجْعَل لنا شَيْئا نعظمه ونتقرب بتعظيمه إِلَى الله - تَعَالَى - وظنوا أَن ذَلِك لَا يضر الدّيانَة، وَكَانَ ذَلِك من شدَّة جهلهم.
{قَالَ إِنَّكُم قوم تجهلون
إِن هَؤُلَاءِ متبر مَا هم فِيهِ) أَي: مدمر مَا هم فِيهِ ( ﴿وباطل مَا كَانُوا يعْملُونَ﴾
قَالَ) يَعْنِي: مُوسَى ﴿أغير الله أبغيكم إِلَهًا﴾ أَي: أطلب لكم إِلَهًا تعظمونه غير الله ﴿وَهُوَ فَضلكُمْ على الْعَالمين﴾ وَفِي الْخَبَر الْمَعْرُوف: " أَن رَسُول الله لما رَجَعَ من حنين مر على شَجَرَة يُقَال لَهَا: ذَات أنواط، وَقد عكف حولهَا قوم من الْأَعْرَاب يعظمونها، وَقد عَلقُوا عَلَيْهَا أسلحتهم، فَقَالَ أَصْحَابه: يَا رَسُول الله، لَو جعلت لنا ذَات أنواط كَمَا لَهُم ذَات أنواط فَقَالَ: عَلَيْهِ - الصَّلَاة وَالسَّلَام - الله أكبر، هَذَا مثل مَا قَالَ قوم مُوسَى لمُوسَى: ﴿اجْعَل لنا إِلَهًا كَمَا لَهُم آلِهَة﴾.


الصفحة التالية
Icon