﴿فِرْعَوْن يسومونكم سوء الْعَذَاب يقتلُون أبناءكم ويستحيون نساءكم وَفِي ذَلِكُم بلَاء من ربكُم عَظِيم (١٤١) وواعدنا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَة وأتممناها بِعشر فتم مِيقَات ربه أَرْبَعِينَ لَيْلَة وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُون اخلفني فِي قومِي وَأصْلح وَلَا تتبع سَبِيل المفسدين﴾
قَوْله - تَعَالَى -: ﴿وَإِذ أنجيناكم من آل فِرْعَوْن يسومونكم سوء الْعَذَاب﴾ أَي: يذيقونكم شَرّ الْعَذَاب، وَقد ذكرنَا معنى هَذَا فِي سُورَة الْبَقَرَة.
﴿يقتلُون أبناءكم﴾ يَعْنِي: صغَار أبناءكم ﴿ويستحيون نساءكم وَفِي ذَلِكُم بلَاء من ربكُم عَظِيم﴾ قيل مَعْنَاهُ: فِي تعذيبهم إيَّاكُمْ بلَاء من ربكُم عَظِيم، وَقيل: فِي إنجائنا إيَّاكُمْ ﴿بلَاء من ربكُم عَظِيم﴾ أَي: نعْمَة.
قَوْله - تَعَالَى -: ﴿وواعدنا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَة وأتتمناها بِعشر﴾ قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: هِيَ أَيَّام ذِي الْقعدَة وَعشر من ذِي الْحجَّة ﴿فتم مِيقَات ربه أَرْبَعِينَ لَيْلَة﴾ فَإِن قيل: ذكر الثَّلَاثِينَ وَالْعشر يُغني عَن ذكر الْأَرْبَعين، فَمَا معنى هَذَا التّكْرَار؟ قيل: كَرَّرَه تَأْكِيدًا، وَقيل: فَائِدَة قَوْله: ﴿فتم مِيقَات ربه أَرْبَعِينَ لَيْلَة﴾ قطع الأوهام عَن الزِّيَادَة؛ لِأَنَّهُ لما وَقت الثَّلَاثِينَ أَولا، ثمَّ زَاد عَلَيْهِ عشرا، رُبمَا يَقع فِي الأوهام زِيَادَة أُخْرَى، فَذكره لقطع الأوهام عَن الزِّيَادَة، وَذكر الثَّلَاثِينَ فِي الِابْتِدَاء وَالْعشر مفصلا: ليعلم أَن الْمِيقَات كَانَ كَذَلِك مفصلا ثَلَاثِينَ ذِي الْقعدَة وَعشرا من ذِي الْحجَّة.
وَفِي الْقِصَّة: أَن الله تَعَالَى أَمر مُوسَى أَن يَصُوم ثَلَاثِينَ يَوْمًا ثمَّ يَأْتِي الطّور يكلمهُ؛ فصَام ثَلَاثِينَ يَوْمًا لَيْلًا وَنَهَارًا.
وَفِي بعض التفاسير: صَامَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا فتغيرت رَائِحَة فَمه، فَأخذ ورق الخرنوب وتناوله؛ لتزول رَائِحَة فَمه، فَأمره الله تَعَالَى أَن يَصُوم عشرا أخر؛ لتعود الرَّائِحَة، وَتَمام الْقِصَّة فِي الْآيَة الثَّانِيَة.
﴿وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُون اخلفني فِي قومِي﴾ اسْتَخْلَفَهُ على قومه ﴿وَأصْلح﴾ أَي: ارْفُقْ ﴿وَلَا تتبع سَبِيل المفسدين﴾ أَي: لَا تتبع آراءهم وأهواءهم.


الصفحة التالية
Icon