﴿وَرَأَوا أَنهم قد ضلوا قَالُوا لَئِن لم يَرْحَمنَا رَبنَا وَيغْفر لنا لنكونن من الخاسرين (١٤٩) وَلما رَجَعَ مُوسَى إِلَى قومه غَضْبَان أسفا قَالَ بئْسَمَا خلفتموني من بعدِي أعجلتم أَمر ربكُم وَألقى الألواح وَأخذ بِرَأْس أَخِيه يجره إِلَيْهِ قَالَ ابْن أم إِن الْقَوْم استضعفوني﴾
﴿وَلَا يهْدِيهم سَبِيلا﴾ أَي: طَرِيقا ﴿اتخذوه وَكَانُوا ظالمين﴾ بِوَضْع الإلهية فِي غير موضعهَا.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلما سقط فِي أَيْديهم وَرَأَوا أَنهم قد ضلوا﴾ قَالَ الْفراء: تَقول الْعَرَب: سقط فلَان فِي يَده إِذا بَقِي نَادِما متحيرا على مَا فَاتَهُ، كَأَنَّهُ حصل النَّدَم فِي يَده ﴿قَالُوا لَئِن لم يَرْحَمنَا رَبنَا وَيغْفر لنا لنكونن من الخاسرين﴾.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلما رَجَعَ مُوسَى إِلَى قومه غَضْبَان أسفا﴾ قَالَ أَبُو الدَّرْدَاء: الأسف: شَدِيد الْغَضَب، وَقيل: الأسف: أَشد الْحزن، وَكَأن مُوسَى رَجَعَ نَادِما حَزينًا يَقُول: لَيْتَني كنت فيهم فَلم يَقع لَهُم مَا وَقع.
﴿قَالَ بئْسَمَا خلفتموني من بعدِي﴾ أَي: (بئْسَمَا فَعلْتُمْ خَلْفي) ﴿أعجلتم أَمر ربكُم﴾ مَعْنَاهُ: أسبقتم أمرربكم، يَعْنِي: بفعلكم الَّذِي فَعلْتُمْ من غير أَمر ربكُم، وَقيل مَعْنَاهُ: استعجلتم وعد ربكُم.
﴿وَألقى الألواح﴾ وَكَانَ حَامِلا لَهَا، فألقاها على الأَرْض من شدَّة الْغَضَب، وَفِي التَّفْسِير: أَنه لما أَلْقَاهَا رَجَعَ بَعْضهَا إِلَى السَّمَاء وَبَقِي مِنْهَا لوحان، فَرجع مَا كَانَ فِيهِ أَخْبَار الْغَيْب، وَبَقِي مَا كَانَ فِيهِ الموعظة وَالْأَحْكَام من الْحَلَال وَالْحرَام، وَقيل: لما ألْقى الألواح انْكَسَرَ بَعْضهَا، فشدها مُوسَى بِالذَّهَب ﴿وَأخذ بِرَأْس أَخِيه﴾ يَعْنِي: هَارُون، وَفِيه حذف، وَتَقْدِيره: وَأخذ بِشعر رَأس أَخِيه ﴿يجره إِلَيْهِ قَالَ ابْن أم﴾ يَعْنِي هَارُون قَالَ لمُوسَى: ابْن ام، وَيقْرَأ بِكَسْر الْمِيم ونصبها، فَأَما بِكَسْر الْمِيم مَعْنَاهُ يَا ابْن أُمِّي، قَالَ الشَّاعِر:


الصفحة التالية
Icon