﴿وكادوا يقتلونني فَلَا تشمت بِي الْأَعْدَاء وَلَا تجعلني مَعَ الْقَوْم لظالمين (١٥٠) قَالَ رب اغْفِر لي ولأخي وأدخلنا فِي رحمتك وَأَنت أرْحم الرَّاحِمِينَ (١٥١) إِن الَّذين اتَّخذُوا الْعجل سينالهم غضب من رَبهم وذلة فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نجزي المفترين (١٥٢) ﴾

(يَا ابْن امي وَيَا شَقِيق نَفسِي أَنْت خلفتني لأمر كؤود)
واما بِنصب الْمِيم، فَوجه النصب فِيهِ أَن قَوْله: " ابْن ام " كلمتان، لكنهما ككلمة وَاحِدَة، مثل قَوْلهم: " حَضرمَوْت " و " بعلبك " ركب أحد الاسمين فِي الآخر، فَبَقيَ على النصب تبيينا.
﴿إِن الْقَوْم استضعفوني وكادوا يقتلونني﴾ وَفِي الْقِصَّة: أَن هَارُون كَانَ لما مضى مِيقَات الثَّلَاثِينَ يقوم بَينهم خَطِيبًا، فيخطب كل يَوْم ويبكي، وَيَقُول: أنْشدكُمْ بِاللَّه لَا تعبدوا الْعجل، فَإِن مُوسَى رَاجع غَدا - إِن شَاءَ الله - فَهَكَذَا كَانَ يفعل ثَلَاثَة أَيَّام، فَلَمَّا لم يرجع بعد الثَّلَاث قَالُوا: إِنَّه قد مَاتَ، فخلوه، وَأَقْبلُوا على عبَادَة الْعجل، فَهَذَا معنى قَوْله: ﴿إِن الْقَوْم استضعفوني وكادوا يقتلونني فَلَا تشمت بِي الْأَعْدَاء﴾ والشماتة فعل مَا يسر بِهِ الْعَدو ﴿وَلَا تجعلني مَعَ الْقَوْم الظَّالِمين﴾ أَي: لَا تجعلني مَعَ الْكَافرين وَمن جُمْلَتهمْ.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالَ رب اغْفِر لي ولأخي﴾ يَعْنِي مَا فعلت بأخي من أَخذ شعره، وجره، وَكَانَ بَرِيئًا، قَوْله: ﴿ولأخي﴾ يعين: مَا وَقع لَهُ من تَقْصِيره إِن قصر ﴿وأدخلنا فِي رحمتك وَأَنت أرْحم الرَّاحِمِينَ﴾.
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِن الَّذين اتَّخذُوا الْعجل﴾ فِيهِ حذف، وَتَقْدِيره: اتَّخذُوا الْعجل إِلَهًا ﴿سينالهم غضب من رَبهم وذلة فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا﴾ قيل: أَرَادَ بالذلة الْجِزْيَة، وَقيل: أَرَادَ قيل بَعضهم بَعْضًا مَعَ علمهمْ أَنهم قد ضلوا ﴿وَكَذَلِكَ نجزي المفترين﴾ أَي: كل مفتر على الله، وَمن القَوْل الْمَعْرُوف فِي الْآيَة عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة أَنه قَالَ: هَذَا فِي كل مُبْتَدع إِلَى يَوْم الْقِيَامَة.


الصفحة التالية
Icon